ســؤال عــــريض، سيكون من الإجحــاف الإجـــابة عنــه بحزم واختصار.
لكن أيضًا سيكون من المعيب تجاهله، والاكتفاء بإشادة لا ترتقي أصلاً لمستوى الحوار ومتطلباته وغياته السامية.
مهم أن نسجل أولاً قيمة الحوار الوطني في البلاد، وأسبقيته في المحيط الخارجي إقليميًا وعربيًا، فقد أصبح هذا المبدأ هو الاتجاه لحل المتأزم.
المبادرة المبكرة للحوار تستحق الإشادة، ونشر ثقافته في مجتمع الفكر والتيار الواحد، الذي يقود فعاليته الاجتماعية وبتفرد كامل، هي خطوة أولى لها تقديرها.
وبتسجيل مثل هذه الإيجابيات وغيرها، تأتي استفهامات جوهرية: وماذا بعد؟، ماذا تحقق؟ وأين ذهبت التوصيات المتتالية؟ هل انتهي الحوار بمجرد ممارسته؟ وعلقت التوصيات بعد تلاوتها؟، وهل كان لبعض الصخب الذي أحدثة دور في تواريه؟
الحوار مهم، ويجب أن نتعود على احتمال صخبه، والشكوى من بعض أطرافه التي اعتادت السيطرة بنفودها، وهي على كل حال مفهومة لأن الجدل المستجد عليها، خراب لركودها وتفسد طريقة برمجتها للجمع.
لنعد للحوار الوطني، الذي يفترض أن يشكل قبة تجمع تيارات الوطن لتعلن عن حضور تعدديتها، وتنوعها في الإدراك والفهم، وبما يفتح آفاقًا فكرية نحو حضور قدرات ذهنية متنوعة الرؤية في إطار ترابها الوطني، حيث مركز الحوار الوطني المشعل الجامع - المفترض - للاختلاف والفارض لثقافة التباين في طريق النظر للأشياء.
لكن حتى الصدي لم يصل بعد إلى هدفه. وهكذا يبدو لي.
لكن من الأهمية أن نفكر جيدًا فيما حققه، وما يرغب أن يصل إليه، وأن نتلمس إستراتيجية تتجاوز مجرد فكرة أن «لدينا حوار وطني»، ولنفرغ فيه البعض من احتقاننا. التصور الجاد يتطلب بحثا حقيقيا نحو إستراتيجة الحوار الوطني وطرح القضايا الجادة والمصيرية؛ أي توسيع الفكرة أو المركز إلى هيئة خبيرة في تحقيق آفاق الحوار الوطني بمعناه الشامل لا الصوري.
حتى لا يكون الهروب جماعياً إلى فضاءات لا تجامل أو تتجمل على النت وفي مساحاتها، وهو حوار نتعايش معه بحب كل لحظة، ويكشف لنا حجم الفراغ الكبير بين ما يحدث هنا، وهناك، وهذا الفارق هو معيار يصعب تجاهله.
إلى لقاء..