صاحب القراءة المتعمقة للمشهد السياسي في الكيان الصهيوني يجد أن الذين يقودون العمل السياسي في هذا الكيان ثلاثة من أكثر الإسرائليين تشدداً، ليس فقط اعتماداً على تاريخهم العملي والحزبي، بل أيضاً لقيادتهم تجمعات حزبية تقف دائماً على الجانب الأبعد تشدداً.
مثلث التشدد الذي يدير الحكم في الكيان الصهيوني «نتنياهو وباراك وليبرمان» معروفون في إسرائيل على أنهم طلاب السلطة وأنهم على استعداد لمقايضة «مبادئهم» الحزبية إن كانت لهم مبادئ للبقاء على كراسي السلطة، ولكن هناك شيئاً لا يمكن أن يتزحزحوا عنه، وهو احتلال الأرض الفلسطينية ومحاولة توسيع رقعة الاحتلال وفرضه كأمر واقع، والثلاثة في هذا الموقف متشابهون وإن حاول أيهود باراك أن يظهر بعض الاختلاف عندما كان في حزب العمل، إلا أنه ومن خلال حزبه الجديد الذي أعلن رفضه اعتماد حدود الـ67 أساساً لإطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين، جدّد عدم موافقته على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
موقف باراك هذا يتوافق تماماً مع نتنياهو ومع الضلع الثالث في مثلث التشدد ليبرمان، الذين أعدوا فيما بينهم خطة لمواجهة «التسونامي» الفلسطيني المتمثل في نيل الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية من قبل الأمم المتحدة في اجتماع الجمعية العامة للمنظمة الدولية شهر سبتمبر القادم.
هذا الثلاثي يعتقد أنه وبالاعتماد على المساندة الأمريكية والانحياز الصارخ لهذه الدولة صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، كفيل بإجهاض المسعى الفلسطيني ومواجهة التسونامي القادم حتى وإن كانت أمواجه تضم أطيافاً دولية عديدة عربية وإفريقية وإسلامية وأوروبية ولاتينية، فكل هذه الأطياف وأمواجها ستتلاشى أمام «الفيتو» الأمريكي، وهذا الفيتو وإن غاب في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه سيكون فعالاً عند التصديق على طلب عضوية دولة فلسطين أمام مجلس الأمن الدولي.
يعتقد ثلاثي التشدد أن أمريكا ستضع «الفيتو» تحت تصرفها إلا أن أمريكا ستكون في وضع محرج جداً في إجهاض مقترح تقدم به رئيسها وبعد أن ماطل وخضع للابتزاز الصهيوني تقوم إدارته بإسقاطه بالفيتو مضحية بالمصالح الأمريكية ليس بالدول العربية والإسلامية فقط بل وبسقوط مصداقيتها وهيبتها في قارات العالم الست.
jaser@al-jazirah.com.sa