- إنه الابن يوسف ابن الأخ الغالي فهد بن سعد المديهش.
- عرفته منذ صغره، فزوجتي خالته، فقد كان باراً بوالديه وبأجداده وجداته، وأعمامه وعماته، وأخواله وخالاته، كان حبيباً، وللقلوب قريباً.
- حصل له حادث مروري أليم، بعدما خرج ظهر يوم الأربعاء الماضي الموافق 20 /7 /1432هـ من عمله في قاعدة الصواريخ بطريق نساح أدى إلى وفاته رحمه الله تعالى.
- وقد كان عمره خمسة وعشرين عاماً حينما أخذ الله أمانته.
- وقد أديت الصلاة عليه بعد صلاة الظهر من يوم الخميس الموافق 21 /7 /1432هـ.
- لقد أحبه كل من عرفه.. وكل من صاحبه وزامله، ومن عمل معه، ومن جاوره - أحبه؛ لأنه أهب للمحبة: خلوق، صدوق، بارٌ، محبوب، ذو خلق قويم.. وأدب جم، وسمت جميل، وهمة عالية.. ونفس مطمئنة.. وسلوك جميل.. أخذ الله أمانته، ووالداه راضيان عليه.. رحمه الله رحمة واسعة.
- علامات حسن الخاتمة بادية على محياه قبل وفاته: فقد ذكر من أخرجه من السيارة بعد الحادث أنه سمعه يردد الشهادتين، كما أن من غسله ذكر أن وجهه مشرق ومنور، ووجده رافعاً السبابة اليمنى.
- أما ما رأيته في أخي الغالي أبي عبدالله فهد بن سعد المديهش - من أعظم من أن أصف صبره واحتسابه، ومشاعره، ورباطة جأشه، فحينما كنا في بيته مساء الأربعاء الماضي بعد العِشاء ننتظر قدومه عائداً من القصيم بالطائرة مع أبنائه وإخوانه وأنسابه وأرحامه وكل غالٍ عليه - حيث كان في مهمة خارج منطقة الرياض، فقد أتاه خبر وفاة ابنه يوسف جراء الحادث المروري، وما عسى شخص أن يأتيه خبر وفاة ابنه قبيل العصر عن طريق الهاتف بخبر يهز النفس، ويؤلم القلب، ويدمع العين، فكيف وهو يخص ابنه وفلذة كبده، وكيف وله مكانة غالية، إذ أنه الابن الوحيد من أبنائه الذي تغرّب وعمل خارج الرياض، وكيف وله مكانة وكل أخوته كذلك لدى والديه، وخصوصاً أمه - أم عبدالله - من بر وتقدير واحترام ووصلة رحم، فقد تلقى الخبر برباطة جأش، وبصبر ورضى، وبقبول وتسليم لقضاء الله وقدره.
- ما رأيته في أبي عبدالله أدمع عيني وقلبي، وزاد من محبته عندي، وذلك حينما سمعته يرد مع كل عزاء يُقدم له من محبيه جميعاً يقابله بقوله: الحمد لله، الحمد لله، لله ما أخذ ولله ما أبقى، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
- وتلك نعمة من نعم الله عزَّ وجلَّ يمن بها على كثير من الناس.. نعمة تدل على تميز الإنسان وصبره، وعلى تعرف الإنسان على ربه، فكم من إنسان لا يمن عليه بتلك المنة.. ولا يرزقه تلك النعمة (فتجده يتسخط، لا يستطيع ضبط نفسه ولا يرزقه الصبر والاحتساب).
(فالحمد لله) كلمة تخرج من أفواه كل أب وأم وأخ وأخت وابن وبنت يفقد عزيزاً عليه فيجازيه الله تعالى بأجزل النعم وأعظم الأجر والثواب من الله.
- أما والدته أم عبدالله فقد تلقت الخبر من أخيها الشيخ أبي عبدالله سعد بن عبدالله القعود، حيث كانت معتادة أن تنتظر ابنها يوسف رحمه الله، فتأخر عليها، فصارت قلقة عليه، ولم تستطع النوم وطال انتظارها له، فلما حضر أخوها سعد، أحست وقت ذلك بأن هناك خبراً مؤلماً، وأمراً لا يسر، فأخبرها جزاه الله خيراً بأسلوبه المتميز، ومنهجه السديد، في بث الصبر والاحتساب، والرضى بالقضاء والقدر، فحينما أخبرها بوفاته تلقت الخبر برضى واحتساب، وأكثرت من (الحمد لله) وصبرت على قضاء الله وقدره، وأن الله عزَّ وجلَّ اختاره وهي ووالده راضيان عنه تمام الرضا.
- وللصبر والحمد ثمرة وفائدة، فعن أبي موسى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
- أسأل الله جلّ وعلا أن يرزقنا وإياها وكل غال علينا وعليهم ببيت الحمد، وأن يرزقنا شكر نعمه وذكر آلائه علينا وأن يجعلنا ممن يرضى بقضائه وقدره.
- وفي الختام أقول: إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا يوسف لمحزونون، ونسأل الله للابن يوسف العفو والغفران، وأن يسكنه فسيح الجنان وأن يرزق أهله الصبر والسلوان وأن يجمعنا به ووالديه والأهل والإخوان من أعالي الجنان ومرافقة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى الآل والصحب والأحباب والخلان.
الباحث الشرعي بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء