ثارت ثائرة أصحاب (العقد) النفسية وأصحاب مقولة (خالف تُعرف)، بعد القرار الحكيم الذي حدد اقتصار بيع الملابس النسائية وكل ما يتعلق بالمرأة وتفاصيل خصوصيتها الدقيقة إلى بائعات من جنسهن.
لا أدري ماذا يريد هؤلاء من النساء، ولا أدري إلى متى يتدخلون في كل ما يتعلق بالمرأة، وكأنها كائن غير بشري أشبه بـ(الريموت)، الذي يحركونه كيف شاءوا وأينما شاءوا, والغريب في الأمر أن من هؤلاء مثقفين وأكاديميين ومنهم من درس في بلاد غربية!
في الماضي وحين كنا أطفالاً كنا نشاهد النساء البائعات يبعن كل شيء على (الأرصفة) في الأسواق يبيعون للرجل وللمرأة على حد سواء، ويعرضون كل السلع تحت لهيب الشمس الحارقة وفي برد الشتاء القارس، كل ذلك من أجل لقمة العيش الكريمة وعدم الحاجة إلى الناس، واستمر عمل النساء في الأسواق أو بائعات الأرصفة إلى يومنا هذا، وسط مضايقة من بعض المتشددين، وحتى مراقبي البلدية الذين كثيراً ما ضايقوا هؤلاء النسوة وصادروا بضاعتهن، مما جعل بعضهن يهجر هذه المهنة الكريمة ويتحول وللأسف إلى «الشحاذة» في الشوارع وعند الإشارات وماكينات الصرف الآلي وغيرها. كل ذلك بسبب الحرب عليهن من بعض فئات المجتمع ومن رجال البلدية (الأشاوس)!
واليوم وبعد أن صدر قرار خادم الحرمين الشريفين وهو القرار الحكيم الذي سوف ينظم هذه العملية، ويجعل هؤلاء النسوة يمارسن حقهن المشروع في البيع والذي كفله لهن الإسلام، من خلال فتح أسواق خاصة بهن ومحلات خاصة لبيع مستلزمات النساء في (خصوصية) تامة، ظهر هؤلاء الرافضون المتشنجون من أجل (إجهاض) هذا الأمر المفرح للمجتمع النسوي، لأنهم كما ذكرت يتدخلون في كل شيء يهم المرأة حتى ولو في (ملابسها الداخلية)!.
لقد كتبت الزميلة الكاتبة سمر المقرن ووضعت النقاط على الحروف في هذا الأمر الذي يتعلق بالنساء وحدهن، ليأتي الصوت الآخر والمخالف من الأكاديمي د. عبد العزيز البجادي من جامعة القصيم وهو الصوت المعارض أو الرأي المخالف، ليأتي رأي ذكوري آخر يؤيد ما أشارت إليه سمر المقرن، وبصرف النظر عن هذا الصوت الرجالي المعارض أو المؤيد، أقول أيها الرجال (أتركوا النساء وشأنهن) وأتركوهن يقررن مصيرهن في كل ما يتعلق بحياتهن وفق شريعة الله السمحة ولا تتدخلوا في أمورهن، وأبسط تفاصيل حياتهن الخاصة، فهن أعرف وأدرى بما يسعدهن أو يضرهن، ثم إنني أسألكم أيها الرجال سؤالاً بريئاً وهو أيهما أفضل أن تترك زوجتك أو بنتك تشتري من رجل ملابسها الداخلية أو حتى الخارجية، أو تشتريها من أنثى مثلها. وما العيب في أن تبيع النساء في (المحلات التجارية) والأسواق بملابس محتشمة ووفق العادات والتقاليد السعودية التي تستمد من نور وسماحة الإسلام.
وأسألكم أيضاً هل (الأرصفة) مكان لائق لبيع المرأة في الصيف والشتاء أو أثناء هطول المطر، أو تبيع في محل مؤثث ومكيف ومستقل ووفق ضوابط تجارية عصرية؟.
إننا يا سادة ويا أحبة سوف نصطاد عشرين عصفوراً بحجر واحد ولعل أبسط وأسهل هذه (العصافير) هو:
أولاً: القضاء على (بطالة) النساء في البيوت.
ثانياً: سنستغني عن عشرات الآلاف من الرجال الأجانب.
ثالثاً: سوف تحصل المرأة على مساحة من الحرية لشراء حاجاتها الشخصية من امرأة مثلها بدلاً من الحرج حين تسأل رجلاً بائعاً عن ملابسها الداخلية!!
رابعاً: الإسلام لم يمنع ويحرم أن تبيع المرأة في كل زمان وأي مكان.
خامساً: بدلاً من العوز (والشحاذة) والبطالة ستجد المرأة وظيفة مناسبة ودخلاً شهرياً يغنيها عن الحاجة إلى الناس!
وهناك المزيد من الفوائد التي ستجنيها البائعة والمشترية على حد سواء. والحديث عن هذا الموضوع الذي حوّله البعض إلى قضية يحتاج إلى الكثير والكثير، ولكنني أتمنى وبهذا الرأي المتواضع أن أكون قد أوصلت الفكرة. فالمرأة صنو الرجل ومن حقها أن تمارس حقوقها التي كفلها لها دينها، ولعل من أبسطها البيع والشراء وكسب الرزق الحلال، فاتقوا الله في أنفسكم أيها الرجال، ولا تجعلوا من المرأة وحقوقها هدفكم الدائم والأبدي وكأنها سلعة أو آلة في أيديكم والله المستعان.
عبد الله الكثيري