فقد الأصدقاء الأعزاء لا يقل شجناً عن فقد قريب حميم أو عزيز غال، وبخاصة إذا كان هؤلاء الأصدقاء من الذين يكتنزون من السجايا أعلاها، ومن الأخلاق أسماها.
من هنا كان وقع رحيل الصديق العزيز والمربي الفاضل الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله الثابت كبيراً على نفسي، وعلى نفوس كل من عرفوه، وعاشروه رحمه الله.
***
الراحل الغالي عبدالعزيز الثابت كان له من اسمه نصيب فهو عزيز في خلقه معتز بكرامته، وهو «ثابت» في مودته، ثابت على مبادئه التي تشعّ وفاء، وتضيء صدقاً، وتفيء على محبيه تعاملاً راقياً، وعقلاً وافياً، وتواصلاً دائماً.
***
لقد خدم في ميدان التربية والتعليم طوال عمره حتى غادر كرسي إدارته المدرسية مأسوفاً عليه، فلم يكون تربوياً أو مديراً -وحسب كان على طريقة المربين السابقين- أبا مخلصاً لكل طالب، وصديقاً لكل معلم.. أعطى العمل التربوي -رحمه الله- ذوب وجدانه، ونضير عمره، ونضارة شبابه، من هنا كان ذكره العاطر في قلوب زملائه وطلابه غفر الله له، وما أحوج مشهدنا التربوي لأمثاله.
***
أما تعامله مع الآخرين فقد كان أنموذجاً للوفاء والتواصل يبادر بالاتصال عندما يغيب صديق ويتواصل بالزيارة عندما يمرض عزيز ويقدم شهامته عندما يحتاج إليه جار أو قريب.
إلى مثل هؤلاء الرجال يفقدون حقاً، ويتألم المرء على رحيلهم كثيراً.. لكنها إيرادة إليه فكل نفس ذائقة الموت لكن الفارق بالعمل الصالح الباقي، والذكر الطيب الوافي.
***
أيها العزيز الراحل: كنت أنموذجاً في حياتك: استقامة وسجايا ووفاء ولعل ما أصابك من داء مكفراً لذنوبك رافعاً لحسناتك عند ربك بحول الله.
لقد كنت «مسجّى» بالجامع والمقبرة لم تر وتسمع -رحمك الله- كيف يعزي أقاربك وأحبابك بعضهم بعضاً.. لقد كنت «جوهرة نادرة» ولكنه الموت على كفِّه جواهر يختار فيها الصحاح.. والجميع سيرحل من جواهر الناس وفحمهم، فالعمر معدود والأجل محدود.. وهذا ما يخفف ألم الفراق على غال مثلك يا أبا عبدالله.
***
العزاء لكل محبيك بذكرك العامر وذكرياتك الزاهية وباستقامتك المشهودة، وأعمالك الصالحة، ثم بأبنائك وبناتك الأخيار والخيرات، وبأخويك العزيزين وحرمك الفاضلة الذين سيظلون يذكرونك ويدعون لك فقد كنت الأب الحاني، والموجه الصالح غفر الله لك.
أتضرع إلى الله أن يصيّر قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يغسلك بالماء والثلج والبرد، وأن يجعل ما نالك في صحتك ممحصاً لذنوبك، وأن يجمعنا بك وبالغاليين علينا في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، في دار لا آلام ولا أمراض فيها بل نعيم مقيم، ونضرة إلى وجه الله العظيم الرحيم.
اللهم آمين.
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576