تلك الأكمة المنزاحة عن الجبل نحواً قريباً مني سأزيحها..
معولي المثلوم لن يعجزني..
وأسراب الغربان الناعقة عند مداخل دربي..
لا فضاء لها في عيني..
والوخز الذي ابتكر له رأساً مدببة ذلك الواقف يناظرني.. بيده النبال والأسهم لن أعيره حسا..
والبئر الناضبة الوحيدة المتوفرة على طريق رحلتي لن أسقط فيها بحثا عن قطرة..
والسماء الملبدة بالغيوم سقفا لحجرات بيتي لا حيلة لظلمتها لإقصائي عن نور عزيمتي..
وكل من يتصيد عثرتي لن ينال مبتغاه...
بشح الماء..
وظلمة الفضاء..
وسهام القواس...
ورأس الحربة..
وتوقع الحسدة..
أسراب الغربان..
وحاجز الأكمة..
ثمة عزيمة لا تكسر..
وقبل لا يعطب..
وروح لا تكل..
ورغبة لا تنهزم...
تلوح لي مرساتي قبل مجدافي..
وهدفي قبل ساريتي..
وقمتي قبل سفحي..
وطريقي قبل قافلتي..
دعوا النجوم تشهد على الليالي المظلمات تتلألأ من هنا..
من نافذة قلبي المرفرف..
وعلى النهار المشرق يمتد من هنا من رسغ ساعدي حتى كتف عزمي..
وعلى نبع سيمد من هنا من جوف يقيني البئر ليتفق بدلائه..
وعلى مروج تعشوشب بأفراح غراسي...
الغربان سيفلُّون لا شجر يأويهم..
ثمة عصافير, ويمام، وحمام، وعنادل, ستنطلق من هنا حيث تبصم
محاريث إرادتي أغصان أعشاشهم...
من يقف ليترصدني سيمضي معي في القافلة يهزج بالفرح
أن ثمة شيئا هنا ولد في داخلي، ومن ثم كبر وكبر، أزاح الظلمة واليباب والنعيق..
وسيَّر قافلةَ أفراح...
***
هذه رسالة قرأتها في وجه موهوب.. وفي عباراته.. عندما قدم لي نماذج من هواياته في الرسم، والكتابة، والتصميم، وبناء وحدات مبتكرة من المنازل الورقية.. وهو لما يزل في الرابعة عشرة من عمره..ومن حوله عثرات لم تثنه أبدا.