الصورة الأخيرة لابن لادن ملفتة، بلحية بيضاء ويرتدي عباءة وطاقية من الصوف، ويحمل بعناية واهتمام «الريموت كنترول» وأمامه أكثر من جهاز تلفزيون، وصور أخرى معدة للبث بلحية مصبوغة، وهو يتابع باهتمام الكاميرا ويستعد لإعادة التصوير، واضح جدا اهتمامه واسيتعابه أن الإعلام شيء اساسي في قوة التنظيم وشخصية الأسطورة.
عثر في منزل بن لادن على مواد تسجيلية أو أفلام توثق لنشاطاته، مثل تلك التي ظهر فيها وهو يتابع بشغف وتركيز- ممسكاً بلحيته،- ما تقوله وسائل الإعلام عن القاعدة وعنه شخصيا بشكل ادق. مواد إعلامية مكثفة ومونتاج واعادة مونتاج، وربما القليل حول القاعدة ومخططاتها.
الاعلام ساهم بشكل كبير في خلق كاريزما بن لادن، وجعل كاتبة كويتية مثلا تتمرغ بلحيته في غزل جنسي عبر مقال رثاء. أو يجعل البعض ينظر إليه على أنه «المخلص».
يروى زميلنا بكر عطياني أنه وعندما التقاه في يونيو من عام 2001، كان من أول ما قاله: هل تابعتَ ما نشرته وسائل الإعلام قبل يومين عن المواد والأفلام التي أنتجتها القاعدة؟..وحين عرف أن مراسل قناة العربية لم يتمكن من متابعة الأخبار.عرض أمامه مواد مسجلة.
ثم قال بن لادن: لقد أعددنا فيلماً عن القاعدة بعنوان «تدمير المدمرة»، سأعطيك نسخة منه، يمكن أن تستفيد منه في تقريرك الذي ستعده عن لقائك بي.
عرف بن لادن جيدا مدى تأثير-الإعلام- عبر التسجيلات التى يرسلها للمحطات التلفزيونية، ويتسابق الاعلام لبثها، وبعد ضغوط على القنوات الفضائية لإيقافها، فقد أحد أهم ادواته الاعلامية، واتجه إلى «الإنترنت»، بل وقفز التنظيم لاحقا إلى المواقع الاجتماعية والتفاعلية، وأصبح ظهور مذيع بلحية وعمامة على النت يقدم نشرة أخبار «القاعدة» أمرا متوقعا.
بدأت مرحلة تالية مع ظهور مؤسسة «السحاب للإنتاج الإعلامي»، كمؤسسة لديها قدرات عالية تمثل «الجهاد الإعلامي»، ويسانده «الاحتساب الإعلامي» ومنه ماهو منظم، ومنه ماهو تلقائي داعم لفكرة القاعدة او متعاطف معه، ويكسبها المزيد من الحضور في وسائل الاعلام الجديد.
هذا الاحتساب يمكن رؤية مداه في صراع النفوذ الاعلامي، ومحاولات اختراق ايدلوجيات معينة لمهنية الاعلام لممارسة احتسابها.
ذلك كان وجهه الاعلامي، الراغب في الظهور بشكل ملفت لدرجة أصبح معها عاشقا للاضواء، باحثا بكل السبل عن المزيد من الشهرة والنفوذ.
يقول زميلنا بكر عطياني (بن لادن يهتم بالإعلام كأي سياسي يدرك أهمية الإعلام وتأثيره على الحدث). والحقيقة أنه تفوق إلى حد كبير على إعلام دول، خصوصا الدول العربية التى سقطت أو تقاوم مؤقتا السقوط. إلى لقاء