حينما يهم أحدنا للكتابة حول جهة ما سواءً منتقداً أداء أو مادحاً منجزاً كما حدث معي حينما كتبت عن هيئة الاستثمار شاكراً لها كعنوان، يكون الكاتب قد أثار موضوعاً يبحث له عن رد، عن من يخرج من تلك الجهة لتوضيح ما ورد في مقال الكاتب
إن كان ثمة أمور يجب توضيحها وحسبي أنه لم يكتب ناقداً أبداً إلا وقد طرق موضوعات عدة وقرأها المتابعون وبالتالي أصبحت نقاطاً يجب على تلك الجهة التحرك نحو تصحيح ما كان منها غير صحيح أو تبرير الصحيح منها، بل إنني أعتبر ذلك من أقل الواجبات الملزمة لأي إدارة علاقات عامة في أي جهة أن تتصدى للرد والرد الموضوعي فقط الذي يخلو من التشنج والتشبث بالدفاع فقط عن المنظومة حتى لو كانت على خطأ.
اليوم أصبحت هيئة الاستثمار إحدى أهم المواد الدسمة لكتاب الرأي في صحفنا لغياب الجهة التي تقوم كما أسلفت بالتصدي ليس للكتاب وإنما للإجابة على استفساراتهم وأسئلتهم وتغيير الصورة الذهنية التي تنشأ عادة من تكرار الحديث عن موضوع معين، فعلى سبيل المثال يتهم الكثيرون اليوم هيئة الاستثمار بل ينعتونها بأنها إحدى مصادر البطالة بالمملكة وأنها حاضنة لكل من هب ودب وقام بجمع مبلغ زهيد ليصبح مستثمراً أجنبياً يعبث بأنظمة لم يكن يستطيع أن يقترب منها حينما كان تحت كفالة مواطن وأن الهيئة سهلت له ذلك بشكل يسير بل فرشت له الأرض وروداً وأزهاراً وأصبح ينافس صغار المستثمرين من المواطنين في عيشهم ورزقهم و لا يقوم حتى بأبسط ما يقوم به المستثمر السعودي من توطين للوظائف لديه، ثم أي وظائف تلك التي يُفترض له توطينها، فمعلوم أن كثيراً من المستثمرين الأجانب أصبحوا أصحاب مؤسسات وشركات في قطاعات لا تحتاج لصناعة إنسان ليمارس ما يمتهن فيها فجُل أنشطتها تتمحور حول البيع بالتجزئة والمطاعم وخلافه وإن كان الأمر متعلق بنقل تقنية معينة أو أنشطة لم تعهدها البلاد كصناعات تحويلية أو صناعات حتى أساسية لكان الأمر أهون وأسهل أما وأن تتمحور تلك الأنشطة في فلك ما كان يقوم به ذلك المستثمر حينما كان تحت كفالة المواطن فهذا مالا يجب أن تقوم الهيئة بحمايته بأنظمتها والدفاع عنه بلوائحها.
بصالحها وطالحها وأصبح التكهن من قبل الكثير مساحة رحبة يمارسون فيها عصفهم الذهني فيأتون بمعطيات مختلفة فيها اتهامات واضحة وصريحة للجامعة وخلاصتها التشكيك في ذلك التصنيف وبالجهة التي منحته، ويقود ذلك منطقياً الكثير -كما فعلت- للسؤال حول المبررات التي من أجلها حصلت الجامعة على تصنيفها ذلك.
ما الغرض من إقامة تلك الهيئة وما الهدف الذي من أجله تم تأسيسها وما الغايات التي عُول عليها عندما تم إنشاؤها وما النتائج المرجوة منها لتحقيقها، جميعها أسئلة من حق المواطن طرحها ومن واجب الهيئة الإجابة عنها، وما صمتها ذلك إلا هروب واضح وجلي من تبيان ما يبحث عنه المواطن من حقيقة.
لا يكفي أن يقول مسئول بالهيئة دعهم يقولون ما يشاءون، فذلك لن يفيد سوى في تكريس بعض المعلومات التي تردد ذكرها ويحولها لحقائق لن يصبح بعد ذلك أمر تصحيحها سهلاً فتصبح من المسلمات التي اعتاد الناس على الإيمان بها، بل يجب أن يخرج من يتصدى بلغة راقية لكثير من المعلومات التي أضحت اليوم بمثابة اتهامات توجه للهيئة وتم تجييرها لأغراض وأهداف أبعد من مجرد نقد جهة يعتبرها كثيرون بل يؤمنون أنها من أهم من قوض الاستثمار الوطني ورعى بعناية فائقة تفاقم البطالة بالمملكة لمجرد تحقيق أرقام فقط توهم الجميع بأن المملكة باتت اليوم في تصنيف الدول الأكثر جذباً للاستثمار، ما الذي سيجلبه ذلك اللقب للمواطن إن كان ذلك التصنيف على حسابه وحساب رزقه ووظيفته.
إن موضوعا واحدا فقط لا يجد من يتصدى له من قبل أصحاب الشأن ومن داخل البيت يجعل الناس تفتح ملفات أخرى كقضية المدن الاقتصادية التي كلفت المملكة مليارات الريالات ولا يعلم المواطن البسيط عنها سوى اسمها، إلا الرواتب الضخمة التي يتم دفعها لمنسوبي تلك الهيئة والمطالبة بمساواتهم مع منسوبي أو موظفي الجهات الحكومية الأخرى بدءًا من محافظها إلا أصغر وظيفة فيها.
أرجو أن لا يغضب مقالي هذا الجهات المعنية داخل هذا الكيان الضخم الذي نتمنى له من القلب أن يؤدي دوره بمسئولية وأمانة ويحقق ما يجلب للمملكة فعلاً المنفعة، لكن علينا كمواطنين أن نطرح العديد من التساؤلات وعلى الهيئة أن تقوم بالتجاوب مع تلك التساؤلات سواءً عن طريق الجهات المعنية فيها والمكلفة بإدارة دفة العلاقات العامة دون تشنج وأخذ موقف أحادي مبني فقط على مبدأ رفض الرأي الأخر ونحن الصح وغيرنا مخطئون. إلى لقاء قادم إن كتب الله.