هاأنتذا أيها الطائر المعدني تفرد جناحيك في الليل باتجاه أرض القداسة والطهر كما هو شأنك في كل موسم؛ حيث تعاكس اتجاهات هجرة الطيور، وأنت وأمثالك ومن سواك يفعلون ذلك في بداية الخريف أو تعاقب الفصول واصفرار المراعي التي تتقصف أعواد أشجارها البرية وتذروها الرياح باتجاه كل مهب من جهات الأرض. آنذاك وحينما أفردت الجناحين وأعلنت الإقلاع نحو مدارات الكواكب وتناثر الشهب تقذفها الرياح بأيما اتجاه وإلى أن تسلمها إلى رياح (الكوس) وقبل أن تبتلعها أزباد الأمواج وتحيلها إلى مضغة من أشناث البحر.. ينقض الطائر المعدني ذو المنشر الذهبي وتخطفها، بمخالبه الفولاذية التي لا تشبه إلا (شناكير) قصّابي المسلخ المركزي حينما يعلقون عليها أو بها (الخرفان أو الماعز أو صغار النوق).. آنذاك حلق الطائر المعدني مبتعداً في الأفق كنقطة لطمتك على منقارك الذهبي (رياح النود) الهادئة الباردة المشبعة بالرذاذ المعطر الفريد، وسمعت طائر يخلفك يصرخ وهو يريد اللحاق بك:
(يا طير يللي نطحت النود
(يا موميا) بالجناحيني
من دون (خلّي) ثلاث أحدود
يمشي بها الحبيب يوميني)
أنت لا تصغي لذلك التغريد الذي (تشرخه) هبائب الصحراء في جهة الظلام ليسقط متدحرجاً كـ(قشعة) صغيرة سوداء بين زرقة السماء ولجة البحر التي تضطرب في المجاهل الخضراء.
وحينما أمعن في التحليق رأى في عرض البحر حيتاناً من بازلت ترفع أعناقها الفاغرة الأفواه باتجاه سواحل بلاده الخضراء؛ لذا عاد يطوي الرياح ليصرخ لكل كائنات الصحراء: الحيتان، الحيتان تنفث النار والدخان فاحترسوا يا قوم فما أنا بالطائر الذي ألفتموه:
أنا هدهد سليمان
أنا هدهد سليمان
فانتبهوا، اصحوا. وقبل فوات الأوان.