من المرات القلائل التي أدخل فيها استاد «الملك فهد» كانت لمباراة بين السعودية والمكسيك عام «1995م» في البطولة الثانية «لكأس القارات».
وكنت حينها متحمساً من بين «25 ألف» مشجع وكنا نهتف: «سعودي.. سعودي.. هوه هوه» وفي المقاعد أعلى المدرج مصريون يهتفون معنا أيضاً، عرب طبعاً «الدم يحن».
وبعد مضي بعض الوقت سجلت المكسيك «الهدف الأول» فصمتت «الجماهير» عدا المصريين استمروا يهتفون بقوة «سعودي.. سعودي..هوه هوه»، سجلت المكسيك «الهدف الثاني» وغضب الجمهور حينها من المستوى السيئ للفريق وبدأوا يهتفون «مكسيكو.. مكسيكو.. هوه هوه»، ولكن المصريين مستمرين: «سعودي.. سعودي.. هوه هوه»!!
فجأة أحس المصريون أن الجمهور يهتف للمكسيك!!
فقال أحدهم « الله.. هم ألبوا؟!
فأجابه آخر.. يا عم.. ألبوا ألبوا واحنا مالنا.. وبدأ المصريون يهتفون «مكسيكو.. مكسيكو.. هوه هوه»!!
إنه «شعب» يحب المرح و»الفرفشة» فمن يزور مصر يكتشف كل مرة «شيئاً جديداً» في «عظمة» هذا الشعب الذي تشرب «النكتة» من فرط الصعاب والمتاعب التي يعيشها يومياً وكثرة الضرائب والزحمة والانتظار والطوابير الممتدة للحصول على «أي شيء» بدءاً من لقمة العيش وصولاً للترب والمقابر «فالدنيا زحمة» في كل اتجاه!!
ما دعاني لتذكر ذلك هو إجابة من قرروا قضاء إجازة الصيف هذا العام هناك رغم انخفاض أعداد «السياح»!!.
فهم يخبروننا أن شيئاًً لم يتغير مع تغير «النظام السياسي» في مصر «فالشعب» يكابد للحصول على «رغيف الخبز» بنفس درجة خفة الدم السابقة!!
وستظل تُلقب «بالباشا» منذ أن تطأ قدماك أرض الكنانة.. حتى لو كانت مصاريف السفرة «سلف» أو قطة!!
فالوجوه نفس الوجوه ولم يطرأ على «النيل» أي تغير ما زال الشاب يمسك بيد مخطوبته منذ «سنين طويلة» وهم يحلمون على «ضفافه» بالحصول على شقة تؤويهما ليكونا أسرة جديدة مع علمهم أن أطفالهم «سيمرون» بنفس المشوار الطويل الذي شقه الوالدان!!.
إذاً لماذا يختار الكثيرون منا مصر «كمحطة ثابتة» في برنامجهم الصيفي كل عام؟!
هل «لشرب ماء النيل» سر؟!
أم هناك دوافع نفسية لا نشعر بها تجعلنا «نعيش الدور» بأننا الأهم والأبرز لأيام «قلائل» بسماع عبارة «نورّت يا بيه»!!
لنرفع بعدها شعار «خذ نسختك»!! عبر توزيع «ربع جنيه» من الفئة الورقية لكل من يقدم لنا خدمة أو يقول «كل سنة وانت طيب يا باشا»!! يبدو أنها حاجة في الدم «كده»!!
و«مش حنقدر» نغيرها ولو «ألب الشعب عالريس» سنردد واحنا مالنا.. ألبوا ألبوا: «مصريكو مصريكو... هوه هوه»!!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net
