الاحتكام إلى العقل أفضل الخيارات التي يلجأ إليها الإنسان أياً كان موقعه، وحتى الذين ينضمُّون تحت لواء الجمعيات والأحزاب والجماعات تكون أفعالهم ومواقفهم صائبة إن هم حكَّموا العقل وسيَّروا أفعالهم وأخضعوا مواقفهم لما يشير إليه العقل السليم مهما اختلفت الآراء وتباينت الاجتهادات. وأهل البحرين الذين مرُّوا بتجربة أليمة ومأساوية، نتيجة تدخل لا يستهدف خير ومصلحة البحرين وطناً وشعباً.. تجربة كادت تعصف بوحدة أهل البحرين الذين قدَّموا أفضل نموذج للتلاحم والتسامح والعيش الكريم ضمن منظومة السِلم الأهلي والاجتماعي، إلا أن حكمة وإرادة قيادة مملكة البحرين ومؤازرة الأشقاء نجت البحرين مما كان يُحاك من مؤامرة أرادت إلغاء مملكة عُرفت بالتقدم والتسامح، وضمِّها قسرياً إلى نظام متخلف يعيش بعقلية القرون الوسطى.
الآن، وبعد أن خرجت مملكة البحرين من تلك التجربة الأليمة، وبعد أن تمعَّن أهل البحرين وعرفوا ما حصل، وتيقنوا من هو العدو ومن هو الصديق، وبعد أن أخضعوا كل ذلك لصوت العقل والحكمة عادوا للأسلوب الأمثل، الأسلوب الذي أرشدتنا إليه الشريعة الإسلامية وأوصانا به رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تماشياً مع النص القرآني الكريم {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
فالحوار هو الأسلوب الأمثل لمعرفة ما يفكر به حكماء الأمة ورجالها وفعالياتها والناس العاديين.
وهكذا فدعوة عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الحوار الوطني، وبدء جلساته فعلاً بداية جيدة، تستحق الدعم والمؤازرة من كل أهل البحرين بمختلف انتماءاتهم واتجاهاتهم الفكرية والطائفية والاجماعية، والذي يفرح كل من يحب البحرين ويتمنى لها الخير أن الجميع استجاب لدعوة الملك، وأن الجميع يشارك في جلسات الحوار بروح طيبة وإيجابية لا تستهدف إلا خير البحرين وأهلها بعد أن وضحت الصورة للجميع وعُرف من أراد استغلال البحرين لخدمة أطماعه ومصالحه.