Monday  04/07/2011/2011 Issue 14158

الأثنين 03 شعبان 1432  العدد  14158

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

جامعاتنا والعنب
وجدان هادي

رجوع

 

جحافل من الطلاب تتخرج سنوياً من جامعاتنا التي تنتشر الآن في كل مناطق المملكة، لا يحدها شمال أو جنوب.

وتجدر الإشارة هنا إلى الجهود الجبارة التي تبذلها وزارة التعليم العالي؛ فهي من أكثر الوزارات ترجمة للرخاء الاقتصادي الذي يعيشه الاقتصاد الوطني.

عودة إلى مستقبل الخريجين الذين تقذف بهم الجامعات بالألوف في غياهب سوق العمل، الذي يغير جلده بأسرع من لمح البصر. هل تعلم أن أهم عشر وظائف في عام 2010 لم تكن موجودة في عام 2004؟! على ماذا تئن الأكثرية من خريجي مؤسساتنا التعليمية؟ أو أليس أقصى طموحهم الالتحاق بوظيفة في القطاع العام؟ ما الذي يميز وظائفنا الحكومية؟ غياب التنافسية، المفضي بالضرورة إلى ضَعْف إنتاجية الملتحق بوظيفة حكومية.

ما يهدف إليه هذا المقال هو استكناه بذور ومقومات عقلية العامل السعودي وجودة عدسته التي يمسح ضبابها باستمرار (إذا كان يفعل)؛ فيتمكن من استشفاف الوتيرة المتسارعة لنمو المستقبل الذي يستحيل حاضراً في لمح البصر. أي سقيا يتلقاها الطالب في مراحل التعليم العام حتى يثمر شيئاً من الإبداع والنهوض؟ هكذا علمونا في المدرسة «إنك لا تجني من الشوك العنب!» وما أكثرها الأشواك التي وخزتنا بها مدارس الصلب والصفيح! يصيح الأستاذ فوق جمجمة الطالب الغض «اكتب في سطر، واترك الذي بعده فارغاً!». وهكذا نشأنا، شيء نقوله، وشيء لا نقدر أن نقوله، نقول ما يذكره كتاب التاريخ والأحياء والأدب، ونفرغ العقل من قدرته التوليدية على التحليل والاستنباط والمساءلة؛ فيمسي كياناً سلبياً ووعاء لتلقي المعلومات التي نلتقطها من أسفار المنهاج، نجمدها في الذاكرة (وليس العقل!) بطريقة فوتوغرافية ثم نتقيؤها على ورقات الامتحان..

هل تلظى الفيلسوف الإنجليزي جيلبرت تشسترون بطرائق التعليم في دول العالم الثالث فقال مما قال «التعليم هو الفترة التي يقوم فيها شخص لا تعرفه بشرح أشياء لا تود أن تعرفها»!؟.

لا أزال أذكر الجلبة التي أحدثها سؤال خطته معلمة التاريخ في واحد من الامتحانات، كان السؤال المرعب يقول: اكتبي رأيك في الظواهر التاريخية التالية...؟؟ كيف أكتب رأياً في ورقة الامتحان؟ وعلى أي شاكلة سيكون؟ أدرتُ رأسي كما تكون الكاميرا الفوتوغرافية، وليست الرقمية حتى! لعلي أهتدي إلى صفحة في كتاب التاريخ تصلح أن تكون «رأيي!». مَنْ القائل بجواز أن نُعمل العقل في المعلومات التي تحشدها كتب الدراسة ونجردها ونسائلها ونستبعد الهامشي منها ثم نستقي منها أنماطاً للنقد والتفكيك؟ الفلسفة التربوية التي تقوم عليها المدارس العامة لا تقتضي هذا النوع من التفكير.

أينالنا شيء من الربيع الطويل ونثور على مفاهيمنا التقليدية في التعليم، التي لا تفعل شيئاً عدا أن تقعرنا في ربقة التخلف والعوز التنموي؟ نحتاج الكثير لستر عوراتنا التعليمية والتحصيلية التي لن تقدر شهاداتنا على مواراتها، واسألوا المبتعثين إن كنتم لا تعلمون. لا نحتاج إلى أن نزيد عبئاً فوق أعبائنا التنموية أو الثقافية. إعادة هيكلة التعليم العام في البلد مطلبٌ مُلِحٌّ؛ حتى يتسنى لنا أن نسبح في الفلك الذي يدور فيه العالم التكنولوجي الرقمي الذي يحث السير ولا ينتظر أحداً.

بريطانيا سيطرت على القرن التاسع عشر، وأمريكا على القرن العشرين، والصين على القرن الواحد والعشرين.. هل سنجرب يوماً ريادة الكوكب الذي بين ظهرانيه نعيش؟؟ يقول أرسطو «من الممكن الفشل بطرق كثيرة، لكن النجاح ممكن بطريقة واحدة»، فكيف السبيل إلى ذلك؟؟ لن يتسنى لنا هذا إلا بالتوجُّه للاستثمار في الإنسان «النفط الذي لا ينضب»؛ فنُشبعه تعليماً وتدريباً تقنياً وتكنولوجياً ذا بُعد عالمي، أما ما عدا ذلك فباطل الأباطيل وقبض الريح وحرث البحر.

***

«أي طالب جامعة في العالم يعرف قدر ما عرفه أرسطو عشرات المرات من ناحية المعلومات، أما من ناحية المقدرة على التحليل والرؤية النقدية التي تصل إلى جوهر الأمور فالأمر مختلف» عبدالوهاب المسيري.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة