بمساعدة قوات الاحتلال وبالوثيقة التي وضعها الحاكم الأمريكي بريمر، وُضع (دستور العراق) الذي جسد كل التجاوزات غير القانونية واللا إنسانية، فأقرّت تلك الوثيقة تفكيك المؤسسات الدستورية العراقية، وقسّم الشعب العراقي إلى طوائف عرقية ومذهبية، ولأول مرة أصبح يشار للعراقي بأنه عربي أو كردي أو صائبي، وسمعنا عن تصنيفات مذهبية وعرقية لم نكن نسمع بها كالشبك واليزيدي ووفق (وثيقة العار) هذه قسمت الدولة وخصصت المناصب فأعطيت الأكراد رئاسة الدولة، ورئاسة الحكومة للشيعة، ورئاسة مجلس النواب لأهل السنة، وفي سياق الإقصاء والإبعاد عن ممارسة دور فعال في الحكم عقاباً لهم لتصديهم للاحتلال لم يكن لأهل السنة دور في الحكم، وحتى الذين تسلموا المناصب العليا كرئاسة مجلس النواب ونائب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع أرادوا لهم أن يكونوا مجرد (ديكور)، وعندما حاول محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي الأسبق أن يمارس دوره الذي يعطيه إياه الدستور، (طرد) من رئاسة المجلس، أما نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي فتعرض ولا يزال لضغوط تمنعه من أن يؤدي حتى واجباته البروتوكولية، فحتى عندما يسافر أو يغادر الرئيس الكردي البلاد يمنح صلاحياته إلى نائبه الشيعي عادل عبد المهدي، وعندما أوقف عادل عبد المهدي ممارسة مهامه في الرئاسة لأسباب تكتيكية، حولت تلك الصلاحيات للنائب الثالث خضير الخزاعي، متجاوزين طارق الهاشمي الأقدم منه الذي يمثل طائفة لها ثقلها يخافون أن يستيقظ رجالها فيقلبوا الوضع ضد جيش الاحتلال والمتعاونين معه والذين يدعون بأنهم يديرون عملية سياسية إلا أنها لا تعدو أن تكون عملية إقصاء مذهبي يُمارس بصورة متواصلة ضد كل الوطنيين وبالذات المنتمين لأهل السنة.
jaser@al-jazirah.com.sa