نشرت إحدى الصحف تحقيقاً صحفياً مع مواطنين يبدون تذمرهم من قرار وقف استقدام العمالة المنزلية من اندونيسيا والفلبين، ولا أعرف كيف اختار الصحفي هذه العينة غير العشوائية بهدف تمرير رسالة واضحة إلى وزارة العمل مضمونها: لا لإيقاف الاستقدام من هاتين الدولتين!.
ولو أدرك هذا الصحفي، بل وهؤلاء المواطنين حكمة هذا القرار وفوائده المستقبلية على سوق العمل خاصة في القطاع المنزلي، لوقفوا معه بقوة، وأيدوه حتى لو كان قراراً دائماً، خاصة مع فتح أبواب استقدام جديدة من فيتنام ونيبال وكينيا وربما فتح باب الاستقدام من تايلاند من جديد، لأن التلاعب من سماسرة السوق هناك أصبح مأساوياً، واستغلالنا لا يخفى على أحد، فضلا عن اشتراطات الحكومات التي جعلت منا لصوصا ومجرمين، فاشترطت عددا من البنود والتدخلات المبالغ فيها، لم يكن الوصف المنزلي وصور أفراد العائلة وغيرها آخرها.
لذلك من الطبيعي أن تقوم وزارة العمل بهذا الدور، وأن تواجه هذه الحكومات، بل وتواجه منظمات حقوقية، وتواجه حتى الأحزاب السياسية النشطة هناك، التي بدأت تطالب دولة شرق آسيوية، كسيرلانكا، إلى إيقاف إرسال عمالتها إلى السعودية تضامناً مع اندونيسيا والفلبين، فهل نأتي نحن أيضاً ونقف ضد بلادنا ممثلاً في وزارة العمل؟ أليست الوزارة هي جهة هدفها مصلحة المواطن والبلد؟.
شخصياً أقف تماماً مع هذا القرار وأحييه، ولو كنت مكان وزير العمل أو نائبه لأوقفت هذه العمالة المنزلية من هاتين الدولتين إلى أن تزول جميع الظروف والمعوقات، وتعود سهولة الاستقدام وأجور العمالة كسابق عهدها، وكما هي مرتبات العمالة من سيرلانكا وكينيا وأثيوبيا وغيرها، فالسوق عرض وطلب، ومن حقنا أن نختار الجنسيات التي تنجز العمل بشروط وأسعار مناسبة.
صحيح أن الشعب الإندونيسي شعب صديق، وعاداته وتقاليده قريبة منا، ونسبة المسلمين فيها كبيرة جداً، لكن ما يحدث من فوضى في سوق العمالة المنزلية المستقدمة من هناك، يجعلنا نعيد النظر آلاف المرات في الاستقدام من هذا البلد، والبحث عن بدائل مناسبة وجنسيات أخرى بديلة.
علينا إذن أن نفهم أن ما يحدث هو حرب اقتصادية معلنة، صحيح أننا قد نحتاج العمالة المنزلية من اندونيسيا والفلبين، لكننا لو حُرمنا منها، فسنجد حتماً البدائل المناسبة، لكن ماذا عن تكدس العمالة المنزلية هناك؟ مع الارتفاع المطرد في معدلات البطالة لديهم مع حجم السكان الضخم؟ خاصة وهم يدركون أن السوق السعودي هو الأكبر في استيعاب عمالتهم؟.
علينا أيضاً أن نفهم أن حالة إجرامية واحدة تحدث من قبل خادمة أو أكثر، لا تعني شيئاً أمام عمالة تصل إلى المليون، ولا تنسف طيبة هذا الشعب، وعليهم أيضاً أن يفهمون أن حالة انتهاك حق إنساني من قبل كفيل سعودي لا تعني أن السعوديين جميعهم أشرار، ولا تلغي طيبة شعبنا وكرمه!.
وعلينا أخيراً أن نقول بصوت واحد: لا نريد الاستقدام من اندونيسيا ولا من الفلبين، حتى يتم وضع آلية جيدة للتعامل بين البلدين بشأن العمالة، تضمن حقوق الكفيل مالياً واجتماعياً، كما تكفل الحق الإنساني للعمالة الوافدة دون التدخلات السافرة في خصوصيات أسرنا السعودية.