لم أستغرب نبرة الصراحة وواقعية الاعتراف التي ظهر بها سمو أمير منطقة عسير (قبلة المصايف السعودية) عندما أعلنها صريحة قبل أيام بأن الإيواء السياحي سواء من فنادق أو مراكز سكنية ليست بكافية لزوار المنطقة، خاصة في ظل ما يجري في بعض الدول العربية المجاورة والتي كانت مقصدا للسائح السعودي، والخليجي، وكم أعجبني سموه عندما وضع يده على الجرح الموسمي قائلا بكل شفافية: «إنه لن يقبل أي تلاعب أو استغلال للزائر من قبل ضعاف النفوس»، وكم عانى المواطن السائح من هؤلاء الضعاف وطنية، فقد كان فريسة سهلة لهم طوال السنوات الماضية، مما خلق ثقافة سلبية عند الكثيرين من المواطنين والزائرين تجاه سياحتنا المحلية المظلومة بسبب هؤلاء وأمثالهم من ضعاف النفوس في ظل غياب الأنظمة الحامية للسياحة الوطنية، أما الآن في ظل التوجه الرسمي المعلن لمحاربة الفساد، وفي ظل الجهود المنجزة من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار، ولعل من أبرزها صناعة ثقافة السياحة الوطنية، وما جولات رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار إلا نذير لكل من تسول له نفسه من ضعاف النفوس وأرباب الجشع الموسمي، الاستمرار في محاربة سياحتنا الوطنية برفع الأسعار أو تدني الخدمة المقدمة للسائح.

وفي هذا السياق الصريح والمبني على المواجهة العلنية لحماية معمار السياحة الوطنية قال الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في إحدى المناسبات قبل أيام - أيضا - « أطلب عدم التساهل مع الشركات مثل خزام التي تسلمت مشروعا، ولم تتحرك حتى اليوم فإما أن تقوم بواجبها أو تنسحب فلا مجال للتخاذل والمجاملة والتسامح في غير مكانه». وكم كان سموه موفقا عندما أعلنها صريحة: لا مجال للتخاذل والمجاملة «نعم، إن المواطن بوعيه وتقديره لتوجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - رعاه الله - تجاه محاربة الفساد لن يسمح بمثل هذه التجاوزات من تلك الشركات المنفذة لبعض مشاريع الوطن، والتي هي تتقاطع - في نظري - مع ضعاف النفوس في منطقة التقصير والفساد في حق المواطنين، ومحاربة المنجز الوطني.

كلا التصريحين يعطي صورة صادقة لتعامل أمراء المناطق وغيرهم من المسئولين تجاه قضايا المواطن وهمومه، وذلك يتناغم بشكل راق مع التوجهات الرسمية التي تتسم بالشفافية والمواجهة مع كل مقصر أو متلاعب في أي دائرة خدمية

وأخيراً

قبل أن نشكر كل مسئول أعلن المواجهة على الفساد والتقصير في حق المواطن، قبل أن نشكره، نطالبه باسم الوطن أن يطبق أنظمة مكافحة الفساد في حق هؤلاء، لنضمن تنفيذ مشاريع الوطن بكل جدارة وإتقان، ثم نكسب بعد ذلك رضا المواطن والزائر لمناطق الجذب السياحي، لنصل جميعا إلى صناعة سياحة وطنية منافسة، تحفظ ماء وجه الوطن، عندما يلتفت أبناؤنا الصغار قبل الكبار إلى بعض الدول المجاورة التي أصبحت - فعلا - رقما صعبا في صناعة السياحة، وقبل ذلك نجحت بتفوق في بناء ثقافة السياحة واحترام السائح، بل والتنافس على تقديم الخدمة له كعميل يعتبر مكسبا للاقتصاد الوطني قبل كل شيء.