اطلعت أكثر من مرة على التقارير السعودية السابقة التي تم تقديمها إلى اللجنة الخاصة بحقوق الطفل في الأمم المتحدة، وأعدت قراءة التدابير التي تتوافق مع هذه الاتفاقية التي وقعنا عليها في عام 1996م. لا أنكر أن الطفل لدينا له تكريم واهتمام خاص، وأتصور أن الوفد السعودي لن يشعر بالحرج كثيراً أمام هذه اللجنة، حيث سيكون اللقاء ومناقشة التقرير الجديد في مبنى الأمم المتحدة بجنيف قبل نهاية الشهر المقبل، في هذا التوقيت تحديداً ستكون جنيف في أجمل أجوائها، إلا أن الوقت قد يكون مُحرجاً لنا كمسلمين نظراً لأنه يتزامن مع شهر رمضان الكريم، وهنا أنصح أعضاء الوفد الأخذ برخصة الإفطار لأنهم على سفر، كما أن الشوكولاته السويسرية مغرية وتناول قطعة منها قبل بداية الجلسة مفيد على ذمة الدراسات التي تؤكد أنها تجلب السعادة، وهذا سيؤمن للوفد البقاء داخل الجلسات الطويلة بابتسامة، وسيضمن أجوبة هادئة على أسئلة واستفسارات الخبراء كهدوء بحيرة جنيف، وانسيابية كتلك التي يتمدد بها نهر الرون.
أعتقد أن الوفد السعودي سيواجه مأزق تحديد سن الطفولة، حيث إنه وبحسب الاتفاقية إلى سن الـ18 عاماً، وسمعنا عن نقاش دار في مجلس الشورى في شهر فبراير الماضي حول إقرار هذا السن إلا أنه ولغاية الوقت الحاضر وقد اقتربنا من عرض تقرير الطفولة لم يأتِ تأكيد رسمي حول هذا السن، ولا عن القوانين التي قد تتغير لتتماشى مع سن الطفولة الرسمي. أضف إلى هذا أن من أهم وأبرز القوانين التي ننتظرها لتتوافق مع تحديد سن الطفولة هي قضية زواج القاصرات، إذ خرج حولها في وسائل الإعلام عن وجود نية لتنظيم قوانين تجرم هذا النوع من الزيجات ولا زلنا ننتظر، وإن كان الوفد سيجيب لجنة خبراء الطفولة عن وجود نوايا فإن التقرير الثاني سيكون بعد أربع سنوات، بمعنى أنه من غير المعقول أن تمتد النوايا لسنوات طويلة، فالوقت يدركنا وحاجتنا لهذه التعديلات أكثر وأهم من أن تكون مجرد صورة من أجل لجنة الخبراء والأمم المتحدة!
أيضاً ومن قراءتي المتكررة لتقاريرنا السابقة، وجدت الكثير من الاهتمام بالطفل في مجمل المراحل، إلا أن هناك نقصاً في الاهتمام الفكري، وكما يقول عدد من علماء الطفل: «لا تربية بعد سن الثامنة»، أتصور أن الاهتمام بالطفل من الناحية الفكرية هو ثمرة لتكوين إنسان الغد، هذا التأهيل في اعتقادي يكون للطفل وللبيئة المحيطة به، والبداية لا بد أن تكون من إلزامية مرحلة رياض الأطفال، لأن المجتمع يجهلها كثيراً ولا يعرف أهميتها بسبب محدودية التثقيف وعدم إلزامية المرحلة. فما زال الاعتقاد السائد أن المدرسة هي (قراءة وكتابة) في حين أن مرحلة رياض الأطفال الحقيقية هي غرس وتأصيل منهج إنساني متكامل، وهذه الفكرة لن تتغير طالما أن كثيراً من الأسر تتجاهل هذه المرحلة وأسر أخرى تهتم بها لكن دون وعي كامل بطبيعتها.
لذا فأنا على يقين أننا حين نزرع وعياً وفكراً متقدماً، فلن نحصد بعد ذلك لا إرهابيين ولا خونة أو جواسيس، ولا متطرفين ولا منحرفين فكرياً أو عقائدياً. وسنبقى في انتظار جنيف وما سيدور في اجتماعاتها، ودعائي للوفد السعودي بالتوفيق والسداد على طاولة خبراء لجنة حقوق الطفل، وأذكرهم بأني وغيري من المهتمين ننتظر تقريرهم بفارغ الصبر.
www.salmogren.net