الجزيرة - الرياض
تستند خطة التنمية التاسعة 31-1432 - 35-1436هـ (2010 - 2014م) في توجهاتها إلى أهدافها العامة التي تتضمن تسريع عملية التنمية وترسيخ استدامتها، وتحقيق تنمية متوازنة بين وداخل مناطق المملكة، والاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم، والعناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع، وتخفيض معدلات البطالة والوصول بها إلى أدنى مستوى ممكن، وتنمية القوى البشرية الوطنية ورفع كفاءتها.
وفيما يتعلق بموضوع توفير الخدمات الأساسية للمناطق والمدن والقرى والهجر تؤكد خطة التنمية التاسعة على مواصلة الجهود للتوسع في البنية التحتية وتطويرها في مختلف مناطق المملكة، وفي مقدمتها الطرق، والسكك الحديدية، والاتصالات، والمياه، والصرف الصحي، والطاقة الكهربائية، وغيرها، فضلاً عن تحسين الخدمات التعليمية والصحية والبلدية، حيث أعدت مجموعة من الاستراتيجيات والدراسات في هذا الخصوص من أبرزها الإستراتيجية الوطنية للإنماء الاجتماعي، وإستراتيجية الرعاية الصحية، والإستراتيجية الوطنية للصناعة، والإستراتيجية الوطنية للنقل، وإستراتيجية تنمية السياحة.
كما تؤكد الخطة على مواصلة الجهود لتحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق وزيادة تكاملها، فضلاً عن تنمية القدرات المؤسسية للجهات العاملة في المناطق حتى تتمكن من القيام برسالتها في تحسين البيئة الاستثمارية وزيادة الإنتاجية وتوفير المزيد من فرص العمل.
وترتكز منهجية التخطيط لتنمية مناطق المملكة في خطة التنمية التاسعة على:
تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، من خلال عدد من السياسات وآليات العمل من أبرزها: الحد التدريجي من المركزية الإدارية وذلك بتعزيز دور الإدارة المحلية، وتفعيل حزم حوافز الاستثمار لاجتذاب المستثمرين نحو المناطق الأقل نمواً، وتعزيز التكامل التنموي بين المناطق وداخلها. إضافة إلى تبني توجهات إستراتيجيات الجهات الحكومية، والتي تتضمن قضايا وثيقة الصلة بالتنمية المتوازنة مثل: الإستراتيجية الوطنية للنقل، والإستراتيجية الوطنية للإنماء الاجتماعي، وإستراتيجية الرعاية الصحية، والإستراتيجية الوطنية للصناعة، والإستراتيجية العامة لتنمية قطاع السياحة، والإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية.
وتشير الخطة إلى أن توزيع الخدمات بين المناطق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعدد السكان والمساكن في كل منطقة، وعلى سبيل المثال تتوزع الخدمات الصحية من أسرة المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والأطباء وهيئة التمريض بين المناطق بمعدلات تتناسب مع الكثافة السكانية والموقع الجغرافي والحالة الصحية.
كما تتوزع أيضاً خدمات التعليم العام (ابتدائي، ومتوسط، وثانوي) للبنين والبنات بين جميع المناطق حسب الكثافة السكانية لكل منطقة.
وعلى مستوى التعليم العالي، يتفق توزيع الجامعات والكليات الجامعية الحكومية والأهلية مع الطلب عليها في مختلف المناطق، حيث تحتضن المملكة 25 جامعة حكومية وثمان جامعات أهلية، و 375 كلية جامعية حكومية و19 كلية جامعية أهلية تتوزع على مناطق المملكة المختلفة. وقد أسهم انتشار الجامعات والكليات الجامعية الحكومية والأهلية في جميع المناطق في تمكين الطلاب من إكمال تعليمهم العالي في مناطقهم دون الحاجة إلى الانتقال إلى أماكن أخرى، وهو ما يعزز من فرص الاستقرار ويحد من معدلات الهجرة الداخلية.
أما بالنسبة للطرق المعبدة، فالمملكة تتمتع بشبكة من الطرق السريعة ذات المواصفات العالية، التي تربط ما بين أجزاء المنطقة الواحدة، وما بين المناطق، وهو ما يعزز من فرص تحقيق
التكامل التنموي بين المناطق
وفيما يختص بتوصيلات الطاقة الكهربائية للمنازل، فيلاحظ تقارب معدلاتها بين جميع المناطق، حيث تحققت - تقريباً - التغطية الكهربائية الشاملة لجميع مناطق المملكة (99%).
ويشكل توفير التجهيزات الأساسية والخدمات في مختلف المناطق هدفاً أساسياً للخطة لبناء القاعدة الإنتاجية التي تستند إلى الاستفادة من الميزات النسبية لكل منطقة.
وفي هذا الخصوص تسعى الخطة لتعزيز جهود جمع البيانات الخاصة بقضايا تنمية المناطق وتحليلها وتوفيرها، إلى جانب تعزيز الحركة السكانية داخل المناطق بما يؤدي إلى توفير المزيد من الفرص التنموية في المناطق والمحافظات الأقل جذباً، ومن ثم الحد من الهجرة إلى المدن الكبرى.وتُشكل الأبعاد البيئية لتنمية المناطق، والقضايا البيئية المتعلقة بها محوراً مهماً للتطوير في خطة التنمية التاسعة، سواء بالنسبة للمياه والصرف الصحي أو قضايا تلوث البيئة والحاجة لمعالجة المخلفات أو قضايا تلوث الهواء وغيرها. وتؤكد الخطة أن استدامة التنمية، سواء على مستوى كل منطقة أو فيما بين المناطق، تتطلب تفعيل «أسس ومعايير التنمية المستدامة» وتطبيقها، ومنها: الاستخدام الأمثل للأراضي لضمان حقوق الأجيال القادمة في العيش في نطاقات عمرانية «صديقة للبيئة»، وتفعيل نظم إدارة المدن وإدارة الشواطئ من أجل تقليص المصادر الرئيسة للتلوث البيئي، وخاصة في المناطق الساحلية، فضلاً عن التأكيد على تقيد المشروعات الإنتاجية والخدمية بالاشتراطات والمعايير البيئية المحلية والدولية. ومن هذا المنطلق فإن الرؤية المستقبلية لخطة التنمية التاسعة في هذا الخصوص تؤكد على السعي من أجل مناطق تنموية عالية الكفاءة، تشهد تطوراً متوازناً، في إطار من التنمية المستدامة، بحيث تكون قادرة على توطين سكانها داخل حدودها الإدارية، وتتكامل فيما بينها لإيجاد منظومة تنموية فاعلة تؤدي إلى رفع المستوى المعيشي وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.
السياسات
وقد شملت سياسات الخطة في هذا الشأن تفعيل العمل التنموي لمجالس المناطق والحد من المركزية، مع تعزيز دور مؤسسات المجتمع المحلي والتطوعي والتعاوني في تنمية المناطق، والارتقاء بمستوى أداء البلديات، وتمكينها من الاستثمار في المشاريع الأكثر توفيراً لفرص العمل، فضلاً عن تعزيز التعاون مع القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع التنموية، وتفعيل دور صناديق الإقراض المتخصصة والمؤسسات التمويلية لدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة الحجم، خاصة في المناطق والمحافظات، وتعزيز المعونات الفنية المقدمة لهذه المشاريع لتذليل المعوقات التنظيمية والتسويقية في المناطق المختلفة، وإعداد خطة عمل تنفيذية للممرات «المحاور» التنموية المقترحة في الإستراتيجية الوطنية العمرانية، ومتابعة تنفيذها، وتفعيل دور مراكز النمو الوطنية والإقليمية والمحلية، مع التركيز على مراكز النمو المحلية، كما شملت تفعيل التكامل الوظيفي والإنتاجي بين مراكز المدن الكبرى والمتوسطة والصغيرة، وذلك بالاستفادة من المقومات الاقتصادية والمزايا النسبية للمناطق الإدارية والمدن الكبرى في دعم تنمية المناطق القروية، وتوفير بيئة محفزة للاستثمار، من أجل زيادة الأنشطة الاقتصادية وتنويعها، الاستمرار في تنفيذ محاور الإستراتيجية الوطنية للإنماء الاجتماعي، مع التأكيد على دور المرأة في العمل الإنتاجي والاجتماعي، فضلاً عن إنشاء فروع لصندوق المئوية في مختلف المناطق، من أجل مساعدة الفئات المستهدفة وإدماجهم في العملية التنموية، إضافة إلى وضع استراتيجيات وبرامج على مستوى المناطق من أجل الاستفادة من الفرص التي تتولد من المشاريع الاستثمارية الكبرى المقامة على المستوى الوطني (مثل خطوط السكك الحديدية الجديدة - واستغلال الفوسفات والبوكسايت - والمدن الاقتصادية وغيرها)، والاستفادة من قواعد بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات والوزارات والجهات الحكومية ومؤسسات التنمية المحلية في العملية التخطيطية والتنموية على مستوى المناطق، من خلال تحويلها إلى بيانات قطاعية/ مكانية ليستفاد منها في إعداد الخطط وتنفيذها ومتابعتها وتقويمها.
الأهداف
أما الأهداف فقد تم تحديدها في تحديد مهمات الإدارات المحلية ومسؤولياتها، بما يعزز فرص تحقيق الحد من المركزية الإدارية، وحصر مؤسسات المجتمع التطوعي والتعاوني وتحديد اختصاصاتها، مع دمج المؤسسات ذات الاختصاص الواحد، وحثها على التعاون لإنجاز الأهداف التنموية، كل حسب اختصاصه ووفقاً للتوجهات التنموية في كل منطقة، وحصر الخدمات المتشابهة في البلديات المتجاورة، والعمل على تنفيذها من خلال التعاون والتنسيق فيما بينها، وتنفيذ عدد من البرامج الريادية في بعض البلديات، وذلك لمراقبة الأداء وتقويمه وتعميمها على باقي البلديات تدريجياً في حال ثبوت نجاحها، وإعداد دراسات جدوى للفرص الاستثمارية الملائمة لقيام مشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم في المناطق، وتقديم مختلف صور الدعم للسكان المحليين لحفزهم على الاستثمار، وإعداد الدراسات التنفيذية اللازمة لتعزيز التنمية المتكاملة والشاملة في محاور التنمية العمرانية القائمة، وتوفير آليات تعزز مستوى التكامل بين مراكز النمو المركزية على مستوى المحافظات والمراكز وربطها بمحاور التنمية العمرانية، وتأسيس قواعد بيانات تنموية قطاعية مكانية (تجارية، وصناعية، وسياحية ... الخ) وإتاحتها للمستثمرين في المناطق والمحافظات، وتفعيل الآليات الخاصة بالحوافز الاستثمارية وتعزيزها في المناطق، لحث القطاع الخاص على الاستثمار، إلى جانب وضع برنامج زمني محدد لتنفيذ محاور الإستراتيجية الوطنية للإنماء الاجتماعي، مع إعطاء المناطق الأكثر حاجة الأولوية في التنفيذ، وتمكين المرأة من إنشاء المشاريع الإنتاجية والخدمية، من خلال تشجيعها على استغلال الموارد المتاحة في المناطق، والاستفادة من مؤسسات الإقراض المتخصصة، وتوجيه أنشطة الهيئة العامة للإسكان نحو المناطق الأقل نمواً في مختلف مناطق المملكة، ووضع مؤشرات تنموية على مستوى المناطق ومحافظاتها ومراكزها الإدارية، لاستخدامها في إعداد تصنيف تنموي للمناطق، وقياس الفوارق التنموية سواءً بين المناطق أو داخل كل منطقة على حدة.