تظهر التقارير الاقتصادية ارتفاع نسب التوظيف للسعوديين بعد صدور القرارات الملكية وكذلك الموافقة على خطط التوطين التي أعدتها الجهات المكلفة من المقام السامي لحل مشكلة البطالة ومن الجوانب الملفتة للنظر بداية ظهور إحصائيات عن جهات شبه رسمية تتحدث عن حجم العمالة الوافدة ببعض القطاعات فالتجزئة مثلا يعمل بها قرابة 1.3 مليون وافد بينما السعوديين لا يصلون إلى 200الف إلى الآن رغم أن حجم النشاط بهذا القطاع يتخطى 100 مليار ريال سنويا.
ومن الواضح أيضاً أن برنامج نطاقات شكل ضغطا إيجابيا على القطاع الخاص بعد أن بدا يستعد له بحملة توظيف تبدو واسعة وحتى لو أن البرنامج يحتاج إلى تطوير من وجهة نظر البعض أو أن هناك من يرى فيه جوانب ليست واضحة بحجم الفائدة النهائية له إلا أنه يعد أيضا خطوة مهمة باتجاه تفعيل خطط التوظيف للشباب السعودي.
لكن بالعودة إلى حجم الفرص بقطاع التجزئة ودقة الأرقام وطرق تشجيع الشباب على الاتجاه للعمل بهذا القطاع تبرز الحاجة أيضا إلى تفصيل جميع قطاعات العمل الرئيسية بالاقتصاد السعودي فهناك قطاعات لا بد من سعودتها أو رفع مستوى ونسب توظيف الشباب السعودي فيها نظرا لأهميتها الحالية والمستقبلية ويبرز على رأسها قطاع التقنية بشكل أساسي فمن المعلوم أن غالبية الشركات العاملة بهذا المجال ما زالت تعتمد على نسب كبيرة من العمالة الوافدة وإذا كان السبب لشح الخبرات أو المختصين بهذا المجال فان من الضروري تكثيف الجهود لبناء قاعدة كبيرة من المختصين بهذا المجال فلا يمكن بقاء الاعتماد على الوافدين للعمل بهذا القطاع نظرا لأنه المحرك الأساسي لبقاء الشركات على قيد الحياة بالقطاع الخاص بل إن هناك شركات تنفذ عقودا مع جهات حكومية لدعم مشروع الحكومة الإلكترونية فمن الضروري الالتفات إلى هذا الجانب بشكل أوسع لكي يكون هناك مجتمع معرفي قادر على قيادة دفة العمل بكافة القطاعات التي أصبحت للتقنية ببعضها الدور الفاعل بكل تفاصيل العمل لديها.
كما أن تفنيد واقع الموارد البشرية بالقطاعات الصحية والتعليمية بشكل عام بالإضافة إلى قطاعات الصيانة سيبرز مدى الحاجة لكل قطاع ويضع الأولويات للمؤسسات التعليمية لكي تضع برامج تعليمها وتدريبها وفق الاحتياجات الأساسية للاقتصاد السعودي
وقد يرى البعض في أن ما ورد ذكره لا يتعدى حدود الأعذار المترددة دائما من القطاع الخاص بأن سبب البطالة السعودية هو مخرجات التعليم التي لا تتناغم مع سوق العمل إلا أن المقصد الحقيقي من وراء التركيز على قطاعات معينة يهدف بالأساس إلى وضع أولويات لنوعية التخصصات وأهمية قطاعات معينة على غيرها.
فمشكلة البطالة لدينا ليست تقليدية بل نوعية لأن الاقتصاد السعودي في مراحل نمو كبيرة وإنفاق حكومي غير مسبوق وتشجيع على التوظيف وكذلك المساعدة على دعم المشاريع الصغيرة غير أن بناء جيل من المؤهلين لتخصصات معينة يشكل تحصينا كبيرا لحماية المنشآت الخاصة والعامة من نقص بالكوادر البشرية الوطنية بما يسمى منطقة القلب النابض فيها فلا يوجد منشأة إلا وتحتاج إلى مختصين بمجال التقنية أو التخصصات الفنية الدقيقة ولا يمكن مقارنة حاجة قطاعات تقليدية بطريقة العمل أو الخبرة بغيرها من التي تعتبر لغة العصر الحديث القائم على التطور التقني والفني المتسارع والكبير ومن الضروري التركيز على التعليم المهني المباشر وليس الأكاديمي فقط لأن الأول هو الأكبر طلباً بسوق العمل.