Saturday  09/07/2011/2011 Issue 14163

السبت 08 شعبان 1432  العدد  14163

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

بعد أن كتبت مقالاً عن « إنسانية» الممثلة الأمريكية أنجيلينا جولي، ومقالاً عن جشع رجال الأعمال لدينا، جاءتني ردود أفعال غاضبة من بعض القراء الذين قالوا: إنني أهملت ذكر أفعال الخير من بعض المسلمين، وأنني قسوت على التجار. حسناً، سأتحدث عن التجار ثم في مقال لاحق عن الأعمال الخيرية وأنجيلينا.

بداية أقول: « إنني لم أقس بعد»، فجشع كثير من التجار لدينا يستعصي على الوصف، اذ إن لهم هما واحدا، وهو جمع المال، ولا علاقة لهم على الإطلاق بالمجتمع من حولهم، بل إنهم يسخرونه إلى أقصى حد ممكن لخدمتهم، وهم في هذا مثل المنشار الذي يأكل في كل حركاته.

عندما بدأ التعليم الخاص في المملكة، كان أول المستثمرين فيه هم المسؤولون عنه، فأول من فتح هذا الباب كان أحد أهم المسؤولين في إحدى المؤسسات التعليمية، والذي حوله إلى استثمار تجاري، ولا يزال على هذا المنوال إلى يومنا هذا! في كل بلاد العالم التي يساهم أثرياؤها في تنمية أوطانهم، يكتفي المستثمر بالمعقول من الربح، ويكون همه الأول تطوير المنشأة التعليمية، حيث يولي ادارتها للاكفاء من المؤهلين علميا وتربويا. أما هنا، - حيث لا فرق بين التعليم وتجارة الأراضي - فالمستثمر يكون همه الأوحد زيادة منسوب الربح، فيتولى إدارة المؤسسة التعليمية بنفسه ويديرها بهدف ربحي، حيث يتعاقد مع من قل راتبه وساء عمله من المعلمين والعاملين. والأدهى أنه يحصل على تسهيلات لا حدود لها من الحكومة، ومع ذلك فهو يكون معضلة عليها، بدلا من أن يكون عونا لها، ودونكم ما حصل مؤخرا عندما قررت الحكومة رفع رواتب المعلمين في التعليم الخاص، إذ بدلا من أن يرحب أصحاب المدارس بذلك، خصوصا وأن مؤسساتهم ستظل رابحة رغم القرار، إلا أنهم اهتبلوا الفرصة بزيادة جنونية برسم الدراسة لا يتواءم مطلقا مع رفع رواتب المعلمين، ما يعني أنهم تعاملوا مع الأمر على أنه فرصة تاريخية للتربح، دون النظر إلى عواقب ذلك على الناس.

حسنا، دعونا ننطلق إلى حيث المستشفيات الخاصة التي يملكها هي الأخرى تجار لا يعنيهم المواطن من قريب أو بعيد، بقدر ما يعنيهم الربح والمزيد منه. هذه المؤسسات الصحية جنت على الوطن من ناحيتين، فهي لم تكتف باستقدام الأرخص من الأطباء الذين اتضح أن بعضهم كان نجاراً أو كهربائياً سابقاً، بل أفسدت المتميزين من أطباء القطاع الحكومي، حيث نسي كثير منهم إنسانيته أمام بريق الأصفر الرنان لدرجة أنه أصبح يترك مرضى المستشفيات الحكومية من الفقراء لمساعديه، ويطلب من الأغنياء مراجعته في المستشفى الخاص!. التاجر هنا لم يقم بالحد الأدنى من تقديم الخدمة لمجتمعه مثل ما يفعل الآخرون في المجتمعات الأخرى. ائتوني بتاجر واحد من تجار الصحة أعلن عن فتح برنامج - ولو محدودا - لعلاج الفقراء، أو تكفل بعملية جراحية لمعدم. الواقع يقول: إنه - عدا حالات لا تكاد تذكر - فإن معظم مستشفيات هؤلاء التجار لا تستقبل الحالات الحرجة إلا بعد أن يدفع المريض مقدماً حتى ولو كان مصيره الموت إن لم يفعل. لا يمكن لي بحال أن أنسى ذلك الهرم الذي تركه المستشفى الخاص في الممر وهو يعاني أزمة قلبية، ولم يتعامل مع حالته إلا بعد أن حضر ابنه راكضا ومعه « الكاش» من أقرب صراف للمستشفى، وهي قصة درامية كنت شاهداً على أحداثها أولاً بأول.

ولا تنسوا حكاية « السعودة» والحرب الشعواء التي قامت عليها ولم تقعد حتى اللحظة، فمن تحايل عليها، إلى استخدام مهارات « التطفيش « ضد المواطن وغير ذلك مما لا يسع المجال لذكره. وللموضوع صلة عن عمل الخير والتجار.

فاصلة:

يقول رسولنا العظيم عليه أفضل الصلوات والتسليم:» يأتي زمان على أمتي يحبون خمسا وينسون خمسا... يحبون الدنيا وينسون الآخرة.. يحبون المال وينسون الحساب.. يحبون المخلوق وينسون الخالق.. يحبون القصور وينسون القبور.. يحبون المعصية وينسون التوبة.. فإن كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء والموت الفجأة وجور الحكام».

amfarraj@hotmail.com
 

بعد آخر
لا... لم أقس بعد!1-2
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة