|
الجزيرة - برازيليا
اختتم منتدى الشباب السعودي البرازيلي فعالياته بوضع تصور للعلاقة المستقبلية بين المملكة والبرازيل وطريقة تبادل الخبرات في تأهيل العشوائيات والمحافظة على البيئة وإدارة الحشود. وأكد المنتدى أن البلدين أمامهما فرص ذهبية لتحقيق مزيد من التقدم على كافة الأصعدة السياسة والاقتصادية والاجتماعية.
وفي رسالة مشتركة وجهها الشباب السعودي البرازيلي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ورئيسة البرازيل ديلما روسيف، قالوا: إن الثقل الاقتصادي والسياسي للمملكة والبرازيل بالإضافة إلى علاقاتهما الثقافية المشتركة, تعد عوامل مهمة لتطوير العلاقة بين البلديين إلى مستويات جديدة, وعليه فإن الوقت الحالي يعد الوقت الأمثل لاستثمار تلك العوامل في دفع عجلة الحوار بين البلدين لتكون مثالاً يحتذى به بين بقية دول العالم في مجال الحوار الإنساني الحضاري والثقافي.
من جهة أخرى دعا شباب البلدين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى تفعيل دور الأمم المتحدة في الساحة العالمية، والاستفادة من التميز الذي أبدته البرازيل في معالجة العشوائيات ووضع الحلول التي من شأنها تحسين أوضاع العشوائيات في العالم بتفعيل البرامج الاجتماعية للأطفال والشباب والمسنين الذين يعيشون في تلك المساكن، من خلال التركيز على الجوانب الإنسانية أكثر من الجوانب العمرانية.
الحفل الختامي تضمن كلمة لرئيس الوفد السعودي الدكتور يوسف بن طراد السعدون وكيل وزارة الحارجية للشئون الاقتصادية، أكد من خلالها أن هذا المنتدى يجسد روح مبادرة حوار أتباع الأديان والثقافات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، واستشرافاً لمستقبل أفضل يظفر فيه العالم بعلاقات إنسانية عمادها الحوار وبناء الفهم المشترك في سبيل تحقيق التقارب بين الحضارات مع احترام خصوصياتها والتسامح بين مختلف الثقافات والمعتقدات لضمان التعايش السلمي بين البشر كافة. فيما أوضح لويس كارلوس، الرئيس الاستشاري للتجارة والاستثمار الخارجي في حكومة ريودي جانيرو أن هذا المنتدى هو من أنجع الوسائل التي يمكن أن تحدث فرقاً في علاقات البلدين وبلدان العالم بشكل عام، مثمناً الدور السعودي الريادي في هذا الصدد.
وقال كارلوس في كلمة ارتجالية خلال الحفل الخاتمي «نعتقد أن منح الشباب الأولوية في إدارة مثل هذه الحوارات هي مسألة ذكية وخطوة متقدمة نحو مستقبل أفضل ليس لعلاقات البلدين فقط بل وللعلاقات الدولية بشكل عام»... الحفل تضمن رسائل لقادة البلدين وللأمين العام.. هنا بقية تفاصيلها:
رسالة الشباب السعودي البرازيلي
لقادة البلدين
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فخامة الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف: في عام 2000 ميلادي زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما كان ولياً للعهد جمهورية البرازيل الاتحادية, ومنذ تلك الزيارة جدد البلدان علاقاتهما الإستراتيجية بما في ذلك العلاقات الثقافية والاقتصادية والتعاون في قطاعي الزراعة والطاقة واستمرت العلاقات في نموها حينما زار فخامة الرئيس لولا في عام 2009م المملكة العربية السعودية ساهمت في تعزيز التعاون المشترك مع الوطن العربي ومع دول الخليج على وجه الخصوص.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فخامة الرئيسة دلما..
ما يشعرنا نحن الشباب في المملكة العربية السعودية والبرازيل الاتحادية بالفخر والانتماء هو ثقتكم الكريمة بدورنا ومنحنا الفرصة للمشاركة بواجبنا الوطني في الحوار والنقاش ضمن إطار منتدى الشباب السعودي البرازيلي.
اليوم وبعد اللقاءات والنقاشات المثمرة بيننا نحن شباب البلدين في جمهورية البرازيل خلال الأيام القليلة الماضية أصبحنا أكثر يقيناً بقُدرتنا على أخذ زمام القيادة والمبادرة على مستوى العالم، مشاركة شباب البلدين في صُنع التغيير الإيجابي للحوار والعلاقات المستدامة بهدف الوصول إلى التعايش السلمي المشترك للبشرية.
ومن خلال الاجتماعات والحوارات التي أجريناها فيما بيننا خلال الأيام الماضية وجدنا أن هناك تشابهاً كبيراً واهتماماً مشتركاً بين البلدين في كثير من القضايا والتحديات مثل العشوائيات، وإدارة الحشود، وقضايا البيئة.
ومن خلال هدفنا نحو رفع مستوى المعيشة والرفاه الاجتماعي في كلا البلدين فإننا نعتقد أنه يجب العمل بشكل كبير على رفع مستوى الوعي تجاه تلك التحديات من خلال برامج التبادل الثقافي والعلمي وعليه فإننا نُوصي بتأسيس مركز الامتياز للشراكة بين البلدين في تنظيم أفضل للعشوائيات بحيث يتم التركيز على إداراة للبحوث وتطوير المستوى الاجتماعي والاقتصادي في تلك المناطق.
وقد لاحظنا من خلال زياراتنا المتعددة إلى بعض العشوائيات في مناطق مختلفة من البرازيل وخصوصاً في منطقة ريودي جانيرو أن هناك فرصاً كبيرة لتحسين أنظمتها من خلال التطوير في التخطيط الحضري والتصاميم المعمارية، ولذا فإننا نؤكد أن يعكف مركز الامتياز السعودي البرازيلي على تطوير العشوئيات وإعادة التخطيط والتصميم الحضري للمناطق العشوائية.
من جهة أخرى فإننا نرى أنه من الأهمية مشاركة سُكّان تلك العشوائيات في التخطيط للمستقبل لتلك المناطق، وهو ما يُشعرهم بالإخلاص والانتماء، وهي المقومات الرئيسة للنهوض والارتقاء بأوطانهم.
خادم الحرمين الشريفيين، فخامة الرئيسة
خلال زيارتنا إلى مدينة مناوس التي تقع في وسط غابات الأمازون الشهيرة تعلمنا واستشعرنا المعاني العظيمة والجليلة لمفهوم البيئة والموارد الطبيعية ووجدنا في ذلك فرصة ذهبية للتعاون بين البلدين، وذلك لسبب جلي وواضح وهو اختلاف التركيبة الجغرافية للبلدين. فالبرازيل تتمتع بموارد طبيعية مائية كبيرة، في الوقت الذي تتمتع المملكة العريبة السعودية بطبيعة جغرافية صحراوية جافة، وعليه فإن الفرصة تكمن في الاستثمار في الطبيعة والزراعة والأمن الغذائي، فالمملكة العربية السعودية تنعم باقتصاد قوي وملاءة مادية عالية وفي ذات الوقت فهي بحاجة ماسة لتعزيز الأمن الغذائي لمواطنيها، ولذا فإننا نُوصي باستثمارات مشتركة بين البلدين في هذا القطاع من خلال دفع استثمارات نوعية تركز على تقنيات متقدمة في منطقة الأمازون تحديداً وباقي المناطق الزراعية البرازيلية.
خادم الحرمين، فخامة الرئيسة
نحن نشعر بالتفاؤل الكبير والفرص الواعدة لتعزيز العلاقة بين بلدينا على جميع المستويات وخصوصاً الجانب الثقافي وأسس الحوار الحضاري، وعليه فإننا نُوصي بالعمل على ما يلي:
أولاً: الجانب التعليمي: حيث نطمح ونأمل في تعزيز التعاون في القطاع التعليمي من خلال تبادل الخبرات ومشاركة عدد أكبر من الطلاب السعوديين للانخراط في الجامعات البرازيلية بالإضافة إلى برامج التبادل الأكاديمي في الأبحاث والتقنيات ذات الاهتمام المشترك.
ثانياً: دعم مشاركة الشباب السعودي والبرازيلي في جميع الوفود المشتركة بين البلديين كالوفود السياسية والثقافية والاقتصادية.
ثالثاً: فتح الباب أمام شباب البلدين للتطوع والمشاركة في الأحداث الريئسة البارزة في البلدين كتنظيم البرازيل لكأس العالم عام 2014 والألعاب الأولمبية في عام 2016 ومهرجان الجنادرية السنوي في المملكة العربية السعودية.
في الختام نحن شباب البلدين نؤمن إيماناً راسخاً بأن بلدينا يملكان قوة سياسية واقتصادية لقيادة العالم نحو آفاق أرحب لدعم الحوار والسلام العالمي، وعليه فإننا نأمل من قياداتنا أن تأخذ هذا المثال الناجح للحوار بين الدولتين المملكة العريبة السعودية والبرازيل، بحيث تتبنى مع المؤسسات الدولية وتحديداً مع الأمم المتحدة مبادرة منتدى حوار الشباب العالمي، وقد ترون مناسبة أن يكون هذا المنتدى على هامش الاجتماع السنوي للأمم المتحدة.
رسالة شباب البلدين إلى الأمم المتحدة
معالي السيد / بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة،
نحن الشباب السعودي البرازيلي اجتمعنا في منتدى الشباب السعودي البرازيلي في جمهورية البرازيل الاتحادية لنتواصل ونتبادل الخبرات كجزء من مبادرة الحوار مع العالم. نحن شباب اليوم ندرك أهمية دور الأمم المتحدة في الساحة العالمية. نحن نعيش في عالم مليء بالقضايا والشؤون المحلية والدولية التي تجر آثارها على الأفراد والحكومات. فمعرفة المشكلة ما هي إلا الخطوة الأولى، وما تعلمناه هو أن القيام بالعمل الجاد هو الحل الأمثل. نحن نقف اليوم هنا لنتشارك ومعاليكم رؤانا ومخرجات نقاشاتنا وحواراتنا في هذا المنتدى الذي تم التركيز في محاوره على قضيتين تؤرقان العالم بأهميتهما ألا وهما المساكن العشوائية والبيئة.
إن المساكن العشوائية التي تحيط بعالمنا ما هي إلا نتاج من مشكلة الفقر المدقع لدى الشعوب واتساع الفجوة بين طبقة الأثرياء والفقراء. وما عقبات تلك الكارثة إلا ناقوس خطر يهدد تركيبة قوى المجتمع. ففي ظل ظروف المعيشة القاسية يتبادر إلى أذهاننا تساؤلات عن مدى إدراكنا لحقوق الإنسان بالنظر إلى ما قد تكون عليه حياة طفل يقطن في تلك العشوائيات. فقد يكون ذاك الطفل الذي يشابه أخي أو يشابه ابنتكم يفقتر إلى أساسيات الخدمات العامة كالتعليم والصحة والمسكن النظيف والآمن.
فالمعدلات المرتفعة للجريمة والانتهاكات في هذه الأوساط تدفع أفراد ذاك المجتمع إلى أن يكرسوا حياتهم في البقاء حتى ينتهي يومهم عوضاً عن أن يقوموا بالتخطيط لمستقبل أفضل.
شاهدنا في مدينة ريو دي جانيرو في جمهورية البرازيل مثالاً حياً لتحسين أوضاع تلك المجتمعات. فقد شرعوا في تطبيق برامج لتطوير تلك العشوائيات تركز على الجانب الإنساني أكثر من دعوتهم لتحسين الجانب المعماري، وذاك نموذج يحتذى به للتطبيق على مستوى العالم. نحن موقنون بأن للأمم المتحدة دوراً رئيساً في وضع الحلول التي من شأنها أن تحسن أوضاع العشوائيات بتفعيل البرامج الاجتماعية للأطفال والشباب والمسنين الذين يعيشون في تلك المساكن.
السيد بان كي مون
بالنسبة للمحور الثاني الذي تناولناه في هذا المنتدى كانت قضية البيئة، حيث إن الموارد الطبيعية تلعب دوراً هاماً في اقتصاد الدول مما يدعوها للإفراط في استخدام مواردها الثمينة. فقد سعت تلك الدول إلى استغلال الفرصة في زيادة مدخولات اقتصادها على حساب محافظتهم على البيئة والطبيعة التي يتشارك فيها العالم بأسره. وإن الصراع ما بين المكاسب الاقتصادية وحماية البيئة سوف يتفاقم ما لم تُشرع هناك إجراءات صارمة. إنه من قمة الأنانية أن نستهلك قدراً عظيماً من الموارد الطبيعية في عصرنا الحالي ونتغافل عن حق الأجيال القادمة منها في المستقبل، ولذا فإنه من دور الأمم المتحدة مساعدة الدول في إيجاد قوانين وأنظمة تشجع الاقتصاد الصديق للبيئة والعمل مع تلك الدول في نشر المزيد من التوعية بين أفراد المجتمع عن الاستهلاك الرشيد للموارد الطبيعية.
صاحب المعالي
لأننا حقاً نستشعر أهمية حوارنا, لأننا نتبع خطى القادة الذين يدعون للسلام والتفاهم حول العالم.. ففي هذه الرسالة نحن الشباب السعودي والبرازيلي تداولنا بعض القضايا المشتركة، ولكن الاستماع فقط للمشكلة لن يسهم في التقدم بحلها إلا إذا ما تم الأخذ بزمام المبادرات وتفعيل الشراكات. نحن حاضرون اليوم لنُطالب بمنتدى حواري لشباب العالم ليُشكل قاعدة أساسية للشباب في شتى أرجاء المعمورة لطرح وجهات أنظارهم وتبادل خبراتهم ليُسهموا بشكل إيجابي في العالم.
وقُبيل الختام.. فليسمح معاليكم لنا بتقبُّل حقيقة أن العالم يتخاطب بلُغات عديدة. فالمختصون في الاقتصاد تُميزهم لُغة تختلف عن اللغة التي يتخاطب بها العُلماء, والقادة لديهم لُغتهم الخاصة أيضاً.. ولكن الشباب لديهم لغة واحدة فقط.. ألا وهي المستقبل الأفضل.
وسبق رسائل الشباب إلى لقادة البلدين والأمين العام للأمم المتحدة كلمة للدكتور يوسف السعدون وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية والثقافية، قال فيها: إن هذا المنتدى روح مبادرة حوار أتباع الأديان والثقافات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. تلك المبادرة التي انطلقت إدراكاً لخطورة المرحلة التي يمر بها الجميع، واستشرافاً لمستقبل أفضل يظفر فيه العالم بعلاقات إنسانية عمادها الحوار وبناء الفهم المشترك في سبيل تحقيق التقارب بين الحضارات مع احترام خصوصياتها والتسامح بين مختلف الثقافات والمعتقدات لضمان التعايش السلمي بين البشر كافة. فهذه الأرض لنا جميعاً ولا يمكن لأي فرد أن يتجاهل الآخر أو يعيش سعيداً بمفرده. وبين السعدون أن الملل ليس في العالم بل في الطريقة التي نرى بها العالم، كما أن الكائن البشري بإمكانه إن يتحمل العطش أسبوعاً والجوع أسبوعين وبإمكانه أن يقضي سنوات دون سقف لكنه لا يستطيع تحمل الوحدة لأنها أسوأ أنواع العذاب والألم، كما قال الأديب البرازيلي العالمي باولو كويلو.
وأوضح أن تاريخ العلاقات العربية-اللاتينية يعود إلى عدة قرون حيث توافد البحارة والتجار والمهاجرون العرب إلى هذه القارة التي وجدوا في شعوبها كل تقبل وترحيب. ومن هنا فإن شعوب المنطقتين يقدمون عبر التاريخ نموذجاً حياً ورائعاً من الانفتاح والحوار والفهم المتبادل بين الثقافات والحضارات بعيداً عن التعميمات الخاطئة والصور السلبية المسبقة.
وبين السعدون أن منتدى الشباب السعودي البرازيلي يمكن اعتباره استكمالاً لتلك المسيرة التاريخية. وهو يتيح الفرصة لشباب وشابات البلدين للتحاور وإيجاد أرضية مشتركة للرؤى بخصوص القضايا المشتركة التي تؤرقهم واقتراح سبل معالجتها وإيجاد الحلول الناجعة لها وليتفهم كل منهم ما يتطلع إليه الآخر وما يسعى ويأمل في تحقيقه مستقبلا. وزاد «نحن متشابهون لدينا المشكلات والقضايا التنموية نفسها ونسعى للآمال والأحلام نفسها في العيش بعالم آمن مزدهر».
وأكد وكيل وزارة الخارجية إن هؤلاء الشباب والشابات هم القادة المخولون بصناعة القرار في المستقبل. وإذا ما أردنا تعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا، لابد من إتاحة الفرصة لهم للحوار والإسهام في اقتراح وبلورة برامج تعاون ثنائية ودولية.
وأضاف «أتطلع معكم اليوم، للاستماع والتعرف على ما لديهم من أفكار ورؤى مشتركة حول ما تحاوروا بخصوصه خلال هذا المنتدى عن قضية الفقر والبيئة والعشوائيات».
ثم قدم السعدون شكره لجمهورية البرازيل حكومةً وشعباً على جهودهم في الإعداد والترتيب لعقد هذا المنتدى. آملاً أن يشكل انطلاقة جادة للقاءات مستمرة بين شباب بلدينا لتبادل الخبرات والمعارف، وتعميق أواصر الصداقة والتعرف عن قرب للموروث الثقافي والحضاري الذي يكتنزه كل منا.