كتب - محرر الوراق
حرصت الجمعية السعودية للدراسات الأثرية على أن تتفاعل مع المجتمع من خلال نقل المعرفة الأثرية والتراثية والحضارية إلى المهتمين والعاملين في مجال الآثار والتراث عبر المطبوعات المتنوعة في حجمها وأهدافها، والندوات والمحاضرات واللقاءات العلمية السنوية والزيارات الميدانية لمواطن الآثار والتراث وسعيها إلى مشاركة وسائل الإعلام في جهودها. وقد أبدعت الجمعية في التعاون مع والاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة، وتميزت بحضوتها بالرعاية الإعلامية من مؤسسة الجزيرة الصحفية ممثلة بجريدة الجزيرة للقاءين متتاليين مع ما أتاحه لها كرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك من مساحة إضافية أتاحت لها نشر فعالياتها مثل الزيارات الميدانية للمواقع الأثرية، ومحتويات معرض «الآثار في عيون الفن» مما أدى إلى فتح أفق التعاون مع مؤسسات إعلامية مقروءة ومرئية ومسموعة، فلقاءها السنوي لعام 1432هـ شاهدٌ على قوة العلاقات الإعلامية والاجتماعية التي بنتها مع وسائل الإعلام، إضافة إلى ما سبق ذكره من دعم من خلال أعضائها المتحمسين أيضاً لها ولمجال تخصصهم مع أنها من أقل الجمعيات العلمية موارد مادية، إلا أن تحمس أعضائها ومساندة جامعة الملك سعود، والهيئة العامة للسياحة والآثار، وجريدة الجزيرة، لها دفع بها إلى الأمام ونأمل أن يستمر ذلك في المستقبل مع تنويع النشاطات والنشر.
ومن ضمن نشاطات الجمعية في النشر العلمي تزف إلينا اليوم ثلاثة إصدارات علمية، يتضمن كل واحد منها عدداً من الدراسات والأخبار الآثارية، وفي الوقت نفسه تعكس مدى التلاحم بينها وبين وسائل الإعلام والمجتمع بشكل عام مما يبشر بنشاط علمي وتوعوي تقوم به الجمعية في الأيام القادمة.
وأول هذه الإصدارات هو العدد الخامس من مجلة كندة الذي بدأ بموضوع تغطية لوقائع اللقاء العلمي لعام 1431هـ نشر في صفحة الوراق بعنوان: اهتمام بالغ بآثار الوطن والإفادة منها تنموياً واقتصادياً وتاريخياً: الجمعية السعودية للدراسات الأثرية تعقد لقاءها بالرياض، وتلا ذلك صور من فعاليات الملتقى. ثم بحث بعنوان: الأحساء واحة ينابيع المياه المتدفقة عبر التاريخ للدكتور فهد بن علي الحسين، وتلت الأبحاث قراءة لكتاب بعنوان: Report on the First Excavation Season at Mada›in Salih 2008 Saudi Arabia, Laila Nehme; Daifallah al-Talhi; Francois Villeneuve.
أعدها الدكتور محمد بن علي الديري، بين فيها القيمة العلمية للعمل والاستدراكات عليه حسب وجهة نظره.
وتضمن العدد عرض لِكُتب صدرت عن الهيئة العامة للسياحة والآثار/ قطاع الآثار والمتاحف، وهي: فن زخرفة العمارة التقليدية بعسير: دراسة فنية جمالية، للباحث علي عبد الله مرزوق، الرياض، 1431هـ/2010م، استعرض ما جاء فيه الأستاذ الدكتور جمال عبد الرحيم إبراهيم حسن؛ وكتاب: جماليات الرسوم الصخرية في المملكة العربية السعودية، للدكتورة نداء بنت عبد الرحمن بن عبد العزيز الجلال، 1431هـ/2010م، استعرض محتوياته الدكتور حسني عبد الحليم عمار؛ وكتاب: الآثار الإسلامية ببلدة بدا - محافظة الوجه شمال غرب المملكة العربية السعودية للدكتورة حياة بنت عبدالله حسين الكلابي1431هـ/2010م، استعرض محتوياته الدكتور أحمد السيد الصاوي؛ وكتاب: المتحف تطوره, مفرداته, تقنياته، للدكتورة مهندس رندا إسماعيل، 1431هـ/2010م، ناقش محتوياته الدكتور أحمد السيد الصاوي.
ثم جاء مدخل خصص لعرض الرسائل العلمية وفيه استعرض الدكتور فهد بن علي الحسين رسالة ماجستير بعنوان: النقوش الكتابية على شواهد القبور لبنى الحسن بن علي بن أبي طالب في مقبرة المعلاة في مكة المكرمة لبدرية عبد العزيز الجهيمي.
واختتم العدد بأخبار عن الآثار والآثاريين مجموعة مما نشر في الصحافة اليومية: ثم الإصدارات الحديثة فجاءت الكتب، وبعدها المقالات، لِتعرِف القارئ بأحدث ما نُشر على الساحة الآثارية.
أما الإصدار الثاني فهو العدد السادس من مجلة كندة وقد احتوى على عدد من المواضيع: أولها صور لخطابات شكر تلقتها الجمعية. ثم تقرير عن فعاليات اللقاء الثاني للجمعية السعودية للدراسات الأثرية في دورتها الرابعة في 1-2-2-1432هـ، كتبه الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن سعود الغزي، ثم صور من وقائع اللقاء السنوي الثاني للجمعية السعودية للدراسات الاثرية في دورتها الرابعة 1-2-1432هـ. بعد ذلك قدمت كلمة راعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس الفخري للجمعية، ثم صور الزيارة الميدانية التي قام بها أعضاء الجمعية السعودية للدراسات الأثرية للمواقع الأثرية في محافظة الخرج، فخبر عن كرسي الأمير سلطان بن سلمان لتطوير الكوادر الوطنية في السياحة والآثار ومشاركته في فعليات ملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي، فخبر آخر عن تدشين كرسي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز لتطوير الكوادر الوطنية في السياحة والآثار. تلا ذلك محاضرة ضيف الحفل سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة بعنوان: دور الصحافة في دعم السياحة والآثار وآلية تفعيله وتطوير أدائه.
وجاءت فقرة بعنوان سيرة ذاتية تضمنت سيرة الفنانة صفية بن زقر، كتبتها الدكتورة مها بنت عبدالله السنان. بعد ذلك جاء عرض للرسائل العلمية تضمن عرضاً قدمه الدكتور فهد بن علي الحسين لرسالة دكتوراه بعنوان: إدارة التراث الثقافي في المملكة العربية السعودية: حالة الحرف والمصنوعات التقليدية للدكتورة خيرية الأصقة.
ثم جاءت المقالات التي تضمن هذا العدد منها:
1 - الأعمال الأثرية الحديثة في المنطقة الشرقية للأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي؛ والدرعية على قائمة مواقع التراث العالمي للدكتور علي بن صالح المغنم؛ وتقرير أعمال التنقيبات الأثرية التي نفذتها جامعة الملك سعود، كلية السياحة والآثار، قسم الآثار في موقعي دادان والمابيات في محافظة العلا، للدكتور فهد بن علي الحسين؛ وثاج للدكتور عوض بن علي الزهراني؛ ومقال بعنوان تراثنا يبقى ولا يفنى (بحاجة لمراجعة)، للشريفة ميرفانا بنت فوزان الحارث.
وبعد ذلك جاء مدخل بعنوان: عرض كتب، استعرض فيه الأستاذ يوسف العتيق كتاب بعنوان: مشروع مسح وتوثيق المنشآت الحجرية في محيط عيني فرزان، محافظة الخرج، منطقة الرياض، للأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي. كما استعرض الدكتور جمال عبدالرحيم إبراهيم حسن كتاب بعنوان: مدونة النقوش النبطية في المملكة العربية السعودية للأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الذييب.
أما الإصدار الثالث فهو دراسات في علم الآثار والتراث، وهي مجلة علمية محكمة تصدرها الجمعية سنوياً. اشتمل العدد على مقالات علمية محكمة تغطي فترة العصور الحجرية والممالك العربية والفترة الإسلامية والتراث، وهي على النحو التالي: دراسة لمواد آثارية من بئر النميلة في صحراء الربع الخالي، لـ أ.د. عبدالعزيز بن سعود بن جارالله الغزي، الجزيرة د. عبدالعزيز بن عبدالله بن لعبون؛ مسكوكات الحضر، لـ د. فرج الله يوسف؛ الألعاب ووسائل التسلية بالأندلس، لـ د. حسام مختار العبادي؛ ترميم ورشة تعدين في موقع المابيات «قرح»، العلا، المملكة العربية السعودية: دراسة ميدانية تطبيقية، لـ د. عبد الناصر الزهراني، ود. محسن محمد صالح؛ المتغيرات الثقافة المجتمعية في المدينة المنورة في عهد الرسول، لـ د. صالح أحمد الضويحي؛ قرية كاف الأثرية في ضوء كتابات الرحالة الغربيين «دراسة أثرية حضارية حتى عام 1302هـ/1885م». لـ د. حصة بنت عبيد بن صويان الشمري.
ومن هذا الاستعراض السريع والمختصر لمحتويات تلك الأعمال الثلاثة نلاحظ أن الجمعية قد انتشرت انتشار لا بأس به وأسست مسار تعاون بين المنتسبين إليها، فعدد كبير من أعضائها شاركوا في كتابة هذه الأعمال التحقيقية والميدانية واستعراض الكتب والرسائل وقراءات الكتب النقدية والأبحاث التخصصية التي شملت عصور زمنية مختلفة ومادة عينية متنوعة، فمنها الأواني الفخارية والأدوات الحجرية، والبلدات التراثية، والعملات، وأدوات التسلية المصنوعة من مواد مختلفة.
فعلى سبيل المثال نجد أن المقال الأول في مجلة دراسات في علم الآثار والتراث يتحدث عن مجموعة مادة آثارية التقطت بالقرب من بئر النميلة في وسط الحافة الغربية للربع الخالي، فنشر هذه المادة في غاية الأهمية من عدة أوجه، أهم تلك الأوجه أنها مادة أثرية جديدة تنتشر لأول مرة من موقع في عمق الربع الخالي، وثانيها صعوبة تكرار جمع مواد أثرية من المواقع والأماكن الصحراوية التي يحتاج الوصول إليها إلى استعداد تكلفته المادية والجسدية عالية جداً.
ومن المقالات السيرة الذاتية للفنانة التشكيلية صفية بن زقر والتي صنعت منها حياة الغربة فنانة تهتم بالتراث المحلي، فكرست حياتها لتجسيده في لوحات فنية بقيت تُلهم من جاء بعدها، بل أرخت لفترة من الزمن من خلال لوحاتها الفنية التي يمكن للواحدة منها أن تتحدث أكثر من حديث كتاب في مئات الصفحات.
وجاءت في العدد السادس من مجلة كندة كلمة راعي اللقاء الثاني للجمعية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز موثقة لمسار الاهتمام بالآثار وراسمة لطموحه المستقبلي بكلمات الرجل الأول في ميدان السياحة والآثار.
كما تضمن العدد نفسه كلمة ضيف اللقاء الرئيس الجمعية الثاني الأستاذ خالد بن حمد المالك، وهو ذو التاريخ الطويل في العمل الصحفي والبحثي والتي تضمنت معلومات قيمة ووفيرة عن السياحة والآثار في بلادنا، ومعادلة التكامل بينهما، وما يجب أن نعمل على تحقيقه لتطوير مفهوم السياحة الداخلية والرقي بآليات التعامل مع الآثار ومواقعها في سبيل التهيئة والتأهيل السياحي. كما تطرق إلى الجانب الاقتصادي وقدم معادلة بين تكلفة السياحة الداخلية والخارجية وما يتوفر هنا وما يتوفر هناك، وأوصى بأن التوجه إلى السياحة الداخلية أمر قادم ولكنه يحتاج إلى مستلزمات كثيرة يجب أن تُجهز وتهيأ وفقاً للمعايير العالمية.
وجاء العدد سالف الذكر موثقاً بين طياته تسع لوحات فنية شارك بها أصحابها في مسابقة معرض (الآثار في عيون الفن) التي أقامتها الجمعية على هامش لقائها لعام 1432هـ، كما قدم العدد صور توثيقية للزيارة الميدانية التي قام بها بعض أعضاء الجمعية إلى محافظة الخرج للوقوف على مواقعها الأثرية ومعالمها التراثية.
بحق يُعَدُّ العددان الخامس والسادس من مجلة كندة سجل وثائقي لأعمال الجمعية في لقائها العملي لعامي 1431هـ و1432هـ، ومع كونها سجلين وثائقيين، فأنهما مصدران لِمعلومات لا توجد إلا فيهما. فعلى سبيل المثال قراءة د. محمد الديري لكتاب (تقرير عن الموسم الأول للتنقيبات في مدائن صالح) لا يمكن أن توجد إلا في العدد السادس من مجلة كندة. أما مجلة دراسات في علم الآثار والتراث فمقالاتها الستة إضافة الشيء الكثير إلى حقل البحث الأثري في المملكة العربية السعودية.