يقول الشاعر «فالذكر للإنسان عمر ثاني»، وقليل من الناس مَنْ يعي هذه الحكمة، ومن ثم يفوّت على نفسه صناعة العمر الثاني. والفقيد (أبو أحمد) محمد بن عبدالله البطي صنع ذكره بما قدّمه من أعمال جليلة في قطاع من أشرف القطاعات؛ فلقد أمضى ثلاثة عقود ونيفاً في خدمة مساجد الله، وأسهم في تجهيزها وإعدادها؛ لتكون مهوى لأفئدة المصلين والمتهجدين والتالين لكتاب الله، وكان على خلق رفيع وسمات حميدة؛ حيث كان يستقبل المراجعين بنفس رضية وسماحة خلق وينجز أعمالهم، ولاسيما أن الأئمة والمؤذنين من كبار السن وممن يجهلون متطلبات المعاملات، وفي مجمل المواقع التي شغلها كان مثال الموظف النزيه، وقد ينجم خلاف بين الإمام والجماعة أو بين المؤذن والإمام ومن ثم لا يجد بداً من إرضاء كل الأطراف وتقريب وجهات النظر. وإذا كان الموعد الجنائز فإن الذين خرجوا معه وصلوا عليه مؤشر محبة وشعور بالفاجعة، وطوال إقامته بهذه المهام الشريفة لم يتخلّف عن عمله، ولم يقصّر في أدائه، وفَقْد مثله سيترك فراغاً، والذين فقدوه من الزملاء يعرفون المهمات التي نهض بها وشاطر بها زملاءه الذين تضافرت جهودهم على خدمة الركع السجود وشرف المهمة؛ لأدائها على وجهها بتوفيق الله، والسعيد من ثبّته الله على الحق وأعانه عليه.

رحم الله أبا أحمد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وخلف على زملائه ومحبيه من ينهض بالمهمة الجسيمة والشريفة، ولا نقول إلا ما يرضي الله {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

حمد بن عبدالرحمن الصقعبي

العلاقات العامة بإدارة أوقاف ومساجد بريدة