المسؤولية أمانة عظيمة وجسيمة لا يتحملها إلا ذوو القدرات والإرادات الصلبة وهذه الأمانة ليست نزهة يتربع الإنسان في أحضانها للمتعة أو التسلية. بل هي عمل دؤوب وإنتاج لقدرات شخصية وإخلاص وفن وذوق وديننا الحنيف جسد هذه المسؤولية وعظمها بأنها عرضت على السموات والجبال فأبت عن حملها فحملها الإنسان وهو كفء لها بشرط أن يضطلع بها ويجد لتحملها ولعلنا هنا نتحدث عن مسؤولية الوظيفة العامة أو الخاصة التي تقدم الخدمة للناس فكأحد سائر البشر الذين قال نعم للأمانة والمسؤولية فلو كنت مسؤولاً لعملت على أولاً قياس قدراتي وهل ستساعدني بالنهوض بمسؤوليتي ثم سأختار الموظف الكفء المقتدر والنشط المجد الذي حباه الله نفساً مبشرة وليس نفسا منفرة تتأصل فيه محبة الناس وخدمتهم، ولو كنت مسؤولاً لاخترت الأكفاء لإدارة الأقسام في دائرتي بنزاهة واستبعدت اختيار الأقرباء أو الأصدقاء لمجرد قرابتهم أو صداقتهم واستخدمت معيار الكفاءة فقط، ولو كنت مسؤولاً لاخترت مستوى ومقدار الإنتاجية والجودة بدلاً من تركيز البعض على التواجد خلال ساعات الدوام وحسب على حساب الكم والكيف مع عدم إغفال ساعات الدوام. ولو كنت مسئولاً لركزت على خطط المستقبل والمشاريع الثابتة وذات النوعية الجيدة لا الحلول والمشاريع المؤقتة التي تعطيني بريقاً إعلامياً مؤقتاً ثم سرعان ما تختفي. ولو كنت مسؤولاً لاخترت اللين على القسوة في التعامل مع تقديم الخدمات ولاتخذت الحزم وليس الشدة أو الطرق، فبين الأولى والثانية فرق فالحزم هو الدقة وعدم التردد، بينما الآخرين قد يكونان تشدداً مفرطا يضر ولا ينفع؛ فدائماً المستهدف بالخدمة محتاج لها يجب الرأفة به دون القسوة عليه. ولو كنت مسؤولاً أيضاً لتأكدت بنفسي من كل خدمة أن مسؤول عنها وحاولت جاهداً أن أنزل عن كرسي مكتبي لمتابعتها وتحسينها فإن لم أفلح لأداء الأمانة تركتها بطيب نفس لغيري من الأكفاء ليمتطي صهوة المسؤولية بدلاً مني ليستطيع أن يعمل بجد ومسؤولية.
وأخيراً لو كنت مسؤولاً لسألت الله التوفيق وجعلته نصب عيني في كل عمل أقوم به ولأجعله رادعاً لي من كل أهواء قد يحتد بي عن الطريق المستقيم فالمسؤولية جسيمة والأمانة عظيمة سنسأل عنها جميعاً يوم لا ينفع مال ولا ولد. ربي وفق كل مسؤول لطريق الصواب وأعنه عليها فثقلها تنوء به الجبال.
- شقراء