الجزيرة - نورة الشريف
أكدت الدكتورة خلود المهيزع الأستاذة بقسم الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن بعض الجرائم التي تصنّف في الطب النفسي ضمن الاضطرابات النفسية تعد في الشرع جرائم موجبة للحد والعقاب إذا كان مرتكبها أهلاً لإقامة الحد عليه، مشيرة إلى أنه لا يمنع من إقامة الحد على الجاني كونه مريضًا بمثل هذه الاضطرابات مادام لم يؤثر المرض النفسي في إدراكه وكان مسلمًا مكلَّفًا مختارًا عالمًا بالتحريم.
وبينت أن المرض النفسي هو العامل الأهم في حدوث محاولة الانتحار، وقد يلجأ المريض إلى قتل نفسه بوسائل مباشرة كتسميم نفسه بواسطة الأدوية، كأدوية الاكتئاب أو المسكنات أو باستخدام الطرق الفيزيائية، كالحرق والشنق والطعن أو وسائل غير مباشرة كالامتناع عن الطعام حتى يموت، لعل واحدة منها تودي بحياته وقد يحاول التخفي والتستر حتى يقلل من احتمال إنقاذه.
وأكدت المهيزع -في رسالة الدكتوراه التي قدمتها بعنوان «أحكام المريض النفسي في الفقه الإسلامي» - أنه يحرم الصيام على المريض بـ(القهم) العصبي إذا أخبر بالمرض طبيبه، لأن الصيام يزيد الأمر سوءا، وإذاتعمد المريض بالنهام العصبي القيء في نهار رمضان فسد صومه ما لم يكن تحت تأثير المرض.
وأضافت «إذا أكل المريض في نهار رمضان، فإذا كان المرض النفسي مؤثرا في الإدراك كالفصام أو الهوس ونحو ذلك، لا يفسد صومه؛ لأنه في حكم المجنون والمجنون لا يجب عليه الصيام، أما إذا كان بسبب مرض نفسي لا يؤثر في الإدراك ويمكنه السيطرة على رغبته في أكل مواد غير مغذية، فيفسد صومه وعليه القضاء».
وأوضحت المهيزع أنه لا يجب الحج على المريض بالرهاب أو اضطراب الهلع ونحوها من الأمراض النفسية التي تصيب المريض بإعاقة اجتماعية، ولا يجب الحج على المريض الذهاني، لأنه في حكم المجنون، ولا يصح الحج منه إذا عقده بنفسه، ولو حج ثم شفي لا تجزئه عن حجة الإسلام وعليه حجة أخرى.
وذكرت المهيزع أنه يحرم على المريض النفسي كتمان مرضه المؤثر في أهليته للنكاح عند الخطبة، ويحقُ لأحد الزوجين فسخ العقد إذا علم بالمرض النفسي الموجب للفسخ بعد النكاح، إذا كان يخل بمقصود النكاح ويمنع من حصول المودة والرحمة بين الزوجين.
وأشارت إلى أنه في حال علم أحد الزوجين بالمرض النفسي الموجب للفسخ كالفصام الحاد والعجز الجنسي الدائم والهوس الحاد المزمن عند العقد أو بعده ورضي به سقط خياره في الفسخ.
وقالت: «إنه يجوز للمرأة المطالبة بفسخ النكاح إذا تضررت من البقاء مع زوج أصيب بالعجز الجنسي بسبب استعمال الأدوية النفسية كأدوية الفصام أو مضادات الاكتئاب والمهدئات ذات المفعول القوي»، مضيفة: «و لا يقع طلاق المريض النفسي إذا زال عقله بسبب الدواء المخدر إذا شربه للتداوي ولم يتجاوز الجرعة الطبية المأذون له فيها».
ونوهت إلى أن التداوي من الأمراض النفسية وغيرها قد يكون واجبًا إذا كان تركه يفضي إلى تلف النفس أو أحد أعضائها، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، ويكون مستحبا إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن، ولا يترتب عليه ما سبق في الحالة الأولى، فيما يكون مكروها إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها، كالتساهل في تناول الأدوية النفسية المهدئات والمنومات بدون وصفة طبية مما يضر بالبدن.