هكذا وقفت أمام الريح في الخلاء الطلق وفتحت صدري للهواء الصعيق ورفعت يديّ إلى الأعالي وقلت: يا الله سأتوجه إليك في بيتك المشرف كي أطهر نفسي من أخطاء العمر، وسأتوب إليك توبة نصوحاً، وسأغسل الذات -بإذنك- من كل الذنوب، فأنا عبدك الصغير الوضيع يا إله العالمين.
هكذا قررت السفر إلى مكة المكرمة عبر طريق طويل يمر بكل قرى مملكتنا العظيمة الرائعة (إذ هكذا قررت أن أقرن المحبة بالإيمان)، فتلك القرى البدوية كانت تستقر بالذاكرة كما كانت مكة تستقر بالروح، خرجت من المجمعة التي تشكل أجمل اتحاد مناطقي من العوائل والعشائر النبيلة في مملكتنا الحبيبة، ومن ثم الداهنة التي أقامها الرجال العزيزون في صحراء نجد، ظلم التي ظلمها اسمها وهي من أر وع القرى، (عبلا) حيث تتوقف الذاكرة كثيراً، وتسرح في الآماد الفظيعة، حيث غزوات شليويح العطاوي الذي بلغ اسمه أوج تاريخ الجزيرة العربية في حكاياته وقصائده الفذة، وحيث ذوي عطية من أنبل قبائلنا البدوية على الإطلاق ثم (أم سرحة) قرية الفخر، ثم (مشرفة الظليعي) التي تأخذ وصفها من اسمها والمعتادية الرائعة، وقويعان ثم المدينة الهائلة البجادية مدينة (أعالي نجد) حسب رأيي المتواضع قبل عفيف وبعد الدوادمي وعاصمة أعالي نجد العظمى... (نكمل فيما بعد).