شدتني رسالة بالأسبوع الماضي وصلت لمن كنت بصحبته وقرأها وكانت رسالة بها تقرير وتفصيل خطير جداً ورغم قناعتي الأولية أن تلك الرسائل يغلب عليها الكذب، قررت أن أتقصى وأبحث عما تم استدلاله بالرسالة وكان ما توقعته أن كل ما جاء بها كذب وافتراء! الشائعات: رواياتٌ تتناقل عن طريق الاتصال الشخصي، دون وجود مصدر يؤكد صحتها، إذ إنها اختلاق لقضية أو خبر ليس له أساس في الواقع، أو تضخيمٌ لأمرٍ ما وإعطاؤه حجماً أكبر من قدره.
وقد تجد الشائعات رواجاً أكبر حينما تتضمن معلومات أو قضية مهمة بالنسبة للجمهور، أو أن تكون المعلومات التي تتضمنها الشائعة متوافقة مع التوجه العام وميوله أو أن تخرج على لسان شخصيةٍ ذات شعبية أو نفوذ أو أن يكون أمراً متوقع الحدوث أو تكون في زمن فيه لهفة لخبرٍ ما وخصوصاً عندما تقل الثقة في المصادر الرئيسية للأخبار أو يكثر الفراغ بين الشعوب أو عندما يتكرر إخفاء الحقائق للعامة. كما تنشر الشائعات بين المجتمعات الأقل تحضراً ووعياً حيث يعتمد فيها الفرد على استقاء معلوماته من أحاديث المجالس، دون التأمل في تفاصيلها المتضاربة أحياناً، التي ترفضها العقول الواعية، وكلما زاد الوعي بين أفراد المجتمع كلما تضاءلت في الانتشار.
ولقد سهلت وسائل التواصل الحديثة مهمة انتشار الإشاعات عبر شبكة الإنترنت والجوالات والبلاك بيري وغيرها من وسائل نقل المعلومات فأصبح البعض يرى أن تمرير خبر أو نشر معلومة لا يلحقه إثم ولا حتى مسؤولية قانونية أو نظامية.
لقد استهان الكثير من الناس في أمر الشائعات، وكأن الأمر أصبح مباحاً بل ممتعاً لدى لبعض! ما جعلنا نعاني من الإشاعات التي يتخبط بها كثير من الناس وللأسف الشديد أن الأمر وصل للاستهانة بديننا وعلمائنا وولاة أمورنا، بل أصبحت أكاذيب يصدرها بعض المغرضين أو أصحاب الفتن أو الجاهلين وهم الأكثر في عالم الشائعات إما لمصالح شخصية أو انتقاماً أو للفكاهة! ولو لم يأتك من خطرها إلا أنها تخلق عدم الثقة وعدم التركيز.
إن من أعاجيب الزمان أن يتلاعب بعقولنا بها أدنى القوم! أحباب محمد صلى الله عليه وسلم ألا نقوم من غفلتنا؟ أين نحن من قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات
إن من المهازل أن يتم التلاعب باقتصادنا ونحن نتفرج! أسأل الله أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. كل واحد منا مسؤول يوم القيامة عن كل أنمل من أنامله رسمت كذبة أو مررت كلاماً لا يعلم صحته، حتى صحتنا وأمننا يتلاعب به وكأن الأمر تسلية بالجوالات.
ومن وجهة نظري أن على الدولة أن تكثف آلية الحد من هذا التلاعب بعقول البشر ولا بد للإعلام أن يتصدى لمثل هذه المهازل ويثقف المجتمع بخطورة ذلك من الناحية الدينية والأمنية والصحية والاقتصادية، وغيرها من المخاطر.
لم أجد في دول العالم أكاذيب يتناقلونها بجوالاتهم كما يحدث عندنا والعياذ بالله، كيف ونحن المسلمون من يفترض بهم أن يكونوا القدوة للعالم، ناهيك عن حجم الأوقات التي تبذل لمناقشة وتحليل تلك الأكاذيب؟
لنفق يا أحبتي ولنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب غيرنا ولنربي أجيالنا على ذلك، وتذكر أخي القارئ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) وتذكر أيضاً أنك آثمٌ لمجرد النقل قال صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع).