يقول (بلوم أستاذ التقويم والاختبارات التربوية) إن التقويم هو إصدار حكم لغرض ما على المحكات والمستويات والمعايير بتقدير مدى كفاية الأشياء ودقتها وفعاليتها، ويكون التقويم إما كيفياً أو كمياً.
ونحن أمام نوعين من الاختبارات يواجههما طالب الثانوية العامة: اختبار تحصيلي (الثانوية العامة) واختبار قدرات لكشف القدرات النوعية تعكس المؤهل للالتحاق بالتعليم باعتبار أنها تكشف أيضاً عن إمكانات الطالب في المجال الذي يختاره لتخصص يبغيه.
هذا الاختبار تخصص درجاته عند التقدم للقبول بالجامعات لأنه يقيس حجم المعارف والمعلومات والبيانات العامة وليست القدرات المهنية أوالجوانب المهنية أو النفسية أو المتعلقة بسمات الشخصية.. فهو تقويم اعتباري شامل يعطي تقديراً نسبياً في النتيجة النهائية للطالب.
إلا أن النظام التعليمي أفقد هذا الاختبار أهميته كما أفقد الطالب رصيده العلمي الذي وضحته درجاته التي حصل عليها في امتحان الثانوية العامة فلو كان مجموعه في الثانوية العامة (96%) وفي اختبار القدرات (52%) صار مجموعه الجديد (74%) وهو بهذه الطريقة قد أفقد الدراسة دورها في تزويد الطالب بالمعارف التحصيلية واستبدالها بمعارف عامة تم تلقيها عن طريق وسائل الإعلام الجماهيري التي تعتمد على فرضيات غير مبررة وظنيات غير مؤكدة. وهي أمور ينفيها الشرع والقانون لأنك تمتحن الطالب في مقررات دراسية محددة ثم لا تعترف بدرجاته ولا على ما حصل عليه من تقدير، لأنك تقدم له اختبارا لاحقا (تعجيزيا) حيث يعتمد على معارف عامة وموضوعات مختلفة ويكون مصدرها في الغالب (سماعي)، أو عن طريق قراءات حرة وليبحث عنها في مكتبة المدرسة (ولا توجد مكتبات في الأحياء) أو عن طريق الإنترنت (وهو غير متوفر للجميع).
إذن هذا الاختبار يعتمد على اجتهادات فردية للوصول لمقاصد (للصدق) أو (الثبات) بموضوعية محلية أو حتى دولية. ولا يعرف عنها سوى أنها اختبارات مستوردة من نظم تعليم أجنبية تختلف ثقافتها عن ثقافتنا وعن سياستنا التعيلمية ونهجنا التربوية وطموحاتنا المستقبلية.
وفي هذه يحق لنا القول إن هذه الاختبارات تعتبر خرقاً للقانون الاجتماعي وللثقافة العربية وللنظم الشرعية لأنها تقليد لنظم تعتمد على الانبهار الخادع بقصد تكريس النتيجة لها في نظم لا تتفق مع نظمنا ولا مع دورنا ومكانتنا الإقليمية والعربية ولا مع مكانتنا العالمية أيضاً. وحتى لا يكون دورنا في التقويم مجرد دور وظيفي يتطابق مع ما يتبعه الآخر في نظم التقويم لديه، ولكي يتحول الدور إلى دور جداً مؤثر، وطالما أن اختبار القدرات يعتمد على الثقافة والمعرفة والوعي لدى الطالب الذي يكتسب ثقافة مجتمعه بما يميزه عن (الآخر) سلوكاً وتكويناً وتفاعلاً إيجابياً مع مكوناته المادية والمعنوية وفي إطار الزمان والمكان الذي يعيشه، وبهذا التفاعل يمكنه أن ينال مكانته العالية التي يصنعها بتميز في واقع الحياة في ضوء ثقافته العربية المتفردة بقيمها الإنسانية الأخلاقية والتي بها تتشكل علاقات التواصل مع الآخر.
لذا نقترح أن يدمج قياس القدرات في اختبار الثانوية العامة (التحصيلي) بأن يضاف لأسئلة كل مادة سؤالاً خاصاً بالطالب الأكثر تميزاً بالمادة والعبقري حسب المنحنى الجرسي، بحيث يكون وسيلة منطقية وموضوعية في التعرف على القدرات التي بناؤها وضبطها وتوجيهها وترشيد حراكها الإبداعي السليم والصحيح والمتميز.
ولما كانت التربية رسالة بنائية سامية، وفي حالة ضرورة دائمة في توازن مع ضرورة الحياة والواقع المعاش فهل يمكن - دون تجاوز في القول - أن نعيد النظر في النظام الحالي والقائم في اختبار القدرات؟
سؤال نطرحه على السادة رجال التربية الأفاضل.