تنطلق فــي الرياض يوميا فرقة يصل عددها قرابة خمسين شاباً من المتطوعين من مجموعة (أولاد وبنات الرياض التطوعية) لتوزيع عشرين ألف عبوة مياه، وألفين وسبعمائة عبوة عصير على العمال من جنسيات مختلفة؛ تأكيدا لدعوة الرسول- صلى الله عليه وسلم: (أَيّمَا مُؤْمِن سَقَى مُؤْمِنًا شَرْبَة عَلَى ظَمَأٍ، سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيّمَا مُؤْمِن أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ، أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيّمَا مُؤْمِن كَسَا مُؤْمِنًا ثَوْبًا عَلَى عُري، كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خضرِ الْجَنَّةِ).
ويرى المتطوعون أن المياه الباردة لها أهميتها البالغة في إرواء عطش مئات العمال الذين يشتغلون تحت أشعة الشمس المحرقة، وأن عمل هؤلاء الشباب المتطوعين يعكس الصورة الحقيقية للفرد والمجتمع السعودي. وهو ما دفع أبناء الحملة للعمل منذ أسابيع لإنجاحها. وقد سجل عبر الموقع الإلكتروني للحملة ما يزيد على مائة متطوع، حضر نصفهم تقريباً وبدؤوا يعملون بحماس. وتشجيعاً للحملة استقبل المنظمون ثلاث سيارات ضخمة تحمل كمية من العصائر والمياه دعما للفكرة، كما ساهمت بعض السيدات بإحضار كميات أخرى.
ويشكو المنظمون تجاهل وسائل الإعلام لهم، وغياب التنسيق معهم مما أدى لعدم تفهم الناس لأهمية توزيع المياه! كذلك يعتبون على قيام إحدى شركات تعبئة المياه بعدم توفير مكان مبرد واكتفائها (برمي) الكراتين خارج المستودع!!
ومع تفهمي وتقديري لجهود الشباب المتطوع وحماسهم؛ إلا أنني أبدي تحفظا لعمل الحملة، منها حالة الاستنفار وإضافة ازدحام شديد بالشوارع والطرقات، وهدر جهود بشرية يمكن استثمارها بما هو أجدى، فمياه السبيل الباردة النظيفة متوفرة في برادات مجهزة بجوار كل مسجد ويرتادها العمال للشرب والوضوء وأحيانا الاستحمام بدعوى أن (مويه سعودية كثير وببلاش!!) فهم يسرفون في استخدامها بطريقة مؤذية للنفوس.
وأعلم تماما دوافع حماس بعض الشباب لتوزيع مياه الشرب الباردة والعصائر المختلفة النكهات ونصب خيام لتفطير صائم وافد في رمضان بأنها استحضار الأجر واستجلاب الثواب، إلا أن الفقراء من المواطنين أولى بالجهود التطوعية بعيدا عن معلبات العصائر والمياه التي تأتي غالبا من استجداء المصانع والتجار وتدفع لعمالة بعضهم لا يستحق الصدقة، فدخله أحيانا يفوق المواطن السعودي، وبعضهم يمارس الغش والنصب علينا سواء بقلة الأمانة في البناء والتشييد أو بالإهمال في تنظيف الشوارع أو ممارسة السرقة أو العبث بأمننا بالتزوير ومخالفة الإقامة. وبرغم ذلك تجد السكان وبدون حملات تطوعية يغدقون على العمال الخير سواء بالمياه الباردة أو الإفطار الصباحي أو بفائض الأطعمة.
والعجيب أنك تصادف عند كل إشارة مرورية عاملا من مخالفي الإقامة والعمل يمارس الشحاذة عبر بيع قوارير المياه على المواطنين وتحت أشعة الشمس الحارقة!
وكنت أود من أولئك المتطوعين أن يستثمروا جهودهم عبر أجهزة الاتصالات المختلفة بحث أصحاب الشركات والمؤسسات على دفع أجور العمالة بانتظام وإعطائهم حقوقهم، ومتابعة تحركاتهم والإشراف عليهم، ومحاربة تشغيلهم تحت أشعة الشمس الحارقة والتبليغ عن المخالفين، وإن فعلوا ذلك فقد كفّوا ووفوا!
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net