يُعد موقع حملة السكينة على الشبكة العنكبوتية، باللغتين - العربية والإنجليزية -، أكبر موقع ضد التطرف، والإرهاب، ومحاربة الفكر المنحرف، وتعزيز الوسطية، والحوار، حيث يعمل عليها نخبة من الخبراء الشرعيين، والنفسيين، والاجتماعيين المؤهلين. استطاعوا أن يرصدوا .....
.....- من خلاله - بمنهجية إعلامية، الأخبار، والأحداث، والتغطيات لقضايا التكفير، والتفجير في العالم الإسلامي، وفي المنطقة بشكل خاص. إضافة إلى جمعه ما بين المتابعة الخبرية لكل قضايا الفكر التكفيري، وتحصين المجتمع من شروره، والتي يثيرها دعاة هذا الفكر.
وقد حظيت تجربة السكينة باهتمام إعلامي عالمي، وخذ على سبيل المثال: كيف أن جامعة ماليزية شهيرة، أرادت الاستفادة من التجربة السعودية في محاربة الأفكار المنحرفة، والتكفير، والعنف، عبر إدراج مواد مؤصلة شرعياً حول مسائل التكفير، تدعو إلى الوسطية، والاعتدال، ونبذ العنف. وذلك حين قرر أحد أساتذة الثقافة الإسلامية في جامعة ماليزيا الإسلامية، تدريس مواد من قسم التأصيل العلمي بحملة السكينة السعودية للحوار، والتي تشرف عليها «وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد» على طلابه. حيث تبحث هذه المواد، تصحيح المفاهيم، وتدعو إلى الوسطية، والاعتدال، ونبذ العنف. كما تعمد إلى توضيح المنهج الشرعي في التعامل مع الفتن، والأحداث. وتتناول بالتفصيل مسائل التكفير، وقواعده، وضوابط الجهاد في الإسلام، وعواقب الخروج على الحكام، وحكم الاستعانة بغير المسلمين، والفرق بين الاستشهاد، والانتحار، وعدد من المواد العلمية المهمة، والمؤصلة شرعياً.
في المقابل، فقد أشاد تقرير مقدم للكونجرس الأمريكي، بجهود المملكة العربية السعودية في مواجهة الفكر المتطرف، بعد أن ناقشت شبكة الإنترنت، كبوابة للعنف، وانتشار الفكر المتطرف. وأشاد التقرير بعدد من الجهود التي تبذلها المملكة في مكافحة الفكر المتطرف، ومنها: ما قامت به حملة السكينة من خلال نخبة من الدعاة، والمشايخ، وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع؛ لزيارتهم مواقع، ومنتديات الإنترنت، وغرف المحادثة المباشرة، ومحاورة المتطرفين، والرد على شبهاتهم.
كما نشرت الأكاديمية العسكرية الأمريكية الشهيرة في «ويست بوينت»، دراسة تُشير إلى أن: النجاح الذي حققته التجربة السعودية في مجابهة استخدام المتطرفين، والتكفيريين لفضاء شبكة الإنترنت؛ لبثّ سمومهم، وتهديد المجتمعات، يثير اهتماماً دولياً، ويمكن أن يكون درساً مفيداً للأمم، والشعوب الأخرى، الراغبة في لجم التشدد، والمغالاة، وصون شبابها من نفوذ الجماعات المتطرفة، والدعوات الفاسدة إلى جهادٍ لم يُزَكِّه العلماء. فكان أحد أكثر البرامج تطوراً في هذا الصدد حملة السكينة، التي بدأت منذ سنوات عديدة في مكافحة التشدد التقليدي من خلال شبكة الإنترنت، حيث إنها تعمل باعتبارها منظمة مستقلة غير حكومية، تساندها وزارة الشؤون الإسلامية. وتستخدم حملة السكينة أسوة بالإستراتيجيات الأخرى؛ لمكافحة التطرف، وتفكيك الجماعات الإرهابية في السعودية، علماء أفاضل؛ للتواصل إلكترونياً مع أفراد يسعون إلى معرفة دينية، وذلك بهدف اقتيادهم بعيداً عن المصادر المتطرفة.
بل إن دراسة أمريكية حديثة، وصفت حملة السكينة السعودية، بأنها: «نموذج، ومصدر إلهام؛ للقيام بجهود مشابهة في أماكن أخرى». وأشادت - خبيرة السياسة والقانون - في جامعة هارفارد الأمريكية «جيسيكا ستيرن» ببرنامج السكينة، ودوره في الوقاية من الإرهاب إلكترونياً، وكيف أن السكينة تساعد مستخدمي الإنترنت، الذين يزورون مواقع متطرفة على التفاعل مع مفكرين إسلاميين، قالت: «إنهم يتمتعون بالشرعية عبر الشبكة الإلكترونية، بأمل تحويل وجهتهم بعيداً عن التطرف». وأكدت في دراستها التي نشرتها مجلة «فورين أفيرز» - مؤخراً -، أن على واشنطن دراسة التجربة السعودية، ممثلة بحملة السكينة، بإعادة تأهيل المغرر بهم، ومحاولة دمجهم في المجتمع.
وإن نسيت، فلا أنسى عنوان كتاب صدر باللغة بالفرنسية في باريس، عن دار «فايار» للنشر، بعنوان: «حدود الجهاد»، وهو من إعداد «جان بيار فيليو»، - المستشار السابق لرئيس الحكومة الاشتراكي - «ليونيل جوسبان». وأحد المستشرقين، الذين شغلوا مناصب في دول عربية عدة، بينها: سوريا، والأردن، ولبنان، وتونس. حض على تعميم حملة السكينة في محاربة الإرهاب، بحيث تتولى مراقبة المواقع العالمية؛ لأنها وسيلة جيدة في توعية الضالين، ومنع تجنيدهم.
ويكفي حملة السكينة فخراً، بأن سجناء ما يسمى (السلفية الجهادية) في المغرب، حين أبدوا معارضتهم للتفجيرات الإرهابية، قرروا الاستعانة بحملة السكينة في السعودية، كونها صاحبة الخبرة في تقديم الرؤية الشرعية الوسطية، لكل باحث عنها.
ولأننا نعيش اليوم انفتاحاً معلوماتياً، وتقنيات حديثة، لها آثارها الخطيرة على شبابنا، فقد أحصت أجهزة الاستخبارات في المملكة، أكثر من «17000» موقع مشبوه على شبكة الإنترنت، تبث الفتن والضلالات؛ لبرمجة الشباب، وجعله أداة جاهزة في أيدي أصحاب المشاريع التكفيرية. بل لا زالت بعض الأطروحات في تلك المواقع، تعمل عكس الاتجاه، مما يجعل المسؤولية في درء الفكر المنحرف، مشاعة بين شرائح المجتمع.
قبل أيام، كان تعاون بعض دعاة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - فرع الرياض -، وحملة السكينة مهماً، في عقد ورشة عمل؛ لإنكار العنف، ومواجهة الجرائم المستندة إلى مضامين فكرية، والتي تحتاج إلى بناء مشروع - فكري شرعي -، يعتمد على القراءة الواعية، دون القفز على المقدمات؛ لإبطال الفكر المنحرف - نظريا وعمليا -.
وقد خرجت ورشة العمل، باقتراح مجموعة من برامج العمل، التي يمكن أن تنفذ بالاشتراك بين حملة السكينة، ودعاة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. فكان من أبرز تلك البرامج، ما يلي:
1 - برنامج كرسي السكينة للأبحاث؛ لإعداد بحوث عن الوسطية، ونشرها، وتفعيل الشراكة مع الجهات ذات العلاقة، والاستفادة من الإنتاج الفكري لدى الحملة، بما يسهل تزويد الجامعات، ومراكز الأبحاث به.
2 - برنامج تواصل بين الدعاة، وحملة السكينة؛ لاستمرار التواصل بينهما بسهولة، والاستفادة مما لدى الحملة في الجانب الفكري، ونشره، واطلاعها على مستندات الساحة، إضافة إلى تزويد الموقع بالدراسات، والبحوث، والمواد العلمية، والأفكار، والمقالات، والآراء.
3 - برنامج الزيارات الميدانية؛ لنشر تجربة حملة السكينة للمناطق الأخرى، وبث الوعي بين شرائح المجتمع، وإحداث تكامل من الميدان والجانب الإلكتروني.
4 - برنامج دورة تدريبية لدعاة الوزارة؛ لتأهيل المستفيدين بها في التعامل مع الأحداث، والقضايا النازلة، والتأكيد على مضامين حملة السكينة، وتطوير مهارات الدعاة في خدمة أهداف الحملة، والتعامل مع تطبيقات الإنترنت، ورفع مستوى الوعي في أهمية الحوار.
5 - البرنامج التوعوي التعريفي العام؛ للتعريف بحملة السكينة بصورة غير مباشرة، والاعتناء بالجانب الوقائي فيما يخص أهداف الحملة، ومعالجة أبرز إشكالات المجتمع الفكرية.
6 - برنامج شباب السكينة؛ لنشر فكر الاعتدال، والوسطية بين الشباب، وبناء الشخصية المتوازنة المستقلة لديهم، وتوعيتهم بالأمور المفيدة، وتحذيرهم من غير المفيد في الشبكة العنكبوتية، وإقامة دورات تعتني بمهاراتهم.
7 - برنامج تكوين لجنة شرعية مشتركة؛ لمعالجة النوازل الطارئة وفق رؤية شرعية، وإعداد البحوث، والدراسات، والمقالات المناسبة.
8 - برنامج المشاركة الإعلامية الفضائية؛ لنشر رسالة الوسطية في وسائل الإعلام من خلال نافذته، وإبراز تعريف بالحملة، ونتائجها، وما وصلت إليه.
9 - برنامج مناقشة الشبهات، والتأصيل العلمي للمسائل المستجدة؛ للرد على الشبهات بعد جمعها، وتدريب الدعاة على كيفية التعامل معها.
10 - برنامج جولة السكينة الدعوية؛ للترويج للحملة، وإيصال الفكرة إلى مناطق نائية، وربط العمل الدعوي لدعاة الوزارة بدعاة الحملة.
11 - برنامج النقاش البناء بين الطرفين؛ لتبادل الخبرات بينهما، والتعرف على أساليب جديدة في الإقناع، والحوار.
على أي حال، هناك مؤشرات تقديرية، وتوصيات عديدة قابلة للتعديل، وفقا للمتغيرات، والإمكانات المادية، والبشرية المرتبطة بها؛ لبناء علاقة مؤسسية مع الوزارة ذات العلاقة خلال الأيام القادمة؛ للتواصل مع الدعاة، والخطباء، والأئمة عبر مختلف القنوات، ومنها على سبيل المثال: عقد المزيد من الدورات التدريبية بالمشاركة مع الدعاة، وإدماجهم في البرامج التقنية؛ للتأكيد على الموقف الفكري، والشرعي مع الخارجين عن جماعة المسلمين، ومقارعتهم بالدليل، والحجة، والبرهان، حتى يتم إخراجهم من مرحلة العزل الفكري.
إن وصف طريقة للعمل، وآلية للبحث، باعتبارها أولى خطوات عقد اتفاقيات التعاون، والتنسيق، والعمل المشترك مع الشريحة المستهدفة، سيقوم على رسم الخطط، وإقامة البحوث، وبناء الأدوات، وإعداد لائحة تفصيلية لآلية، وإجراءات تفعيل برامج الورشة خلال ستة أشهر قادمة، أو سنة؛ لميكنة إجراءات متابعة تنفيذ البرامج المشار إليها آنفا، وإحداث حراك علمي على مستوى الدعاة، وفق مؤشرات إنجاز دقيقة، ومعايير علمية متطورة، قابلة للنقاش.
ثم إن تكرار إقامة ورش عمل للحملة مع فروع وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة، أو مع جهات حكومية أخرى، كالإعلام، والتربية والتعليم، وغيرهما، سيساهم في نقل خبرة الحملة إلى الشريحة المستهدفة، وهي خطوة نتمناها - قريبا -؛ لتعزيز الحوار، ومناصحة أصحاب الفكر الضال.
drsasq@gmail.com