من المواقف الإيجابية التي لايمكن تفويتها دون الوقوف عندها وتحليلها، هو هذا الحماس الغربي غير المسبوق لنصرة الشعوب العربية والضغط على الرؤساء والحكومات لمنح الشعوب المنتفضة والثائرة الفرصة للتعبير عن نفسها وتقرير مصيرها والوقوف معها ضد بطش الزعماء العرب! تلك الشعوب ضحت بالكثير من الشهداء في ميادين الحرية وهي تحاول أن تتخلص من قبضة زعمائها الاشاوس! أولئك الزعماء الذين كشفت الثورات العربية أنهم مجرد طلاب سلطة مستعدون أن يذودوا عن كراسيهم بكل أفراد الشعب! بعض الزعماء العرب كشف عن وجه يؤكد بالدليل القاطع انه لشخص كان يقود أمته لطريق الفقر والذل والهوان، ولذلك فلشعوب الحق بالمطالبة بالفكاك منه والمطالبة بإسقاط النظام!

معمر القذافي على سبيل المثال لم يحاول أن يفهم لماذا الشعب يثور لكنه راح يستشهد بحوادث أبيد فيها المنتفضون! الصورة المحزنة التي يتم التقاطها من ساحة الحرب في ليبيا هو ان الغرب باع السلاح للقذافي وهو الآن يدمره مقابل ثمن جديد سيدفعه الشعب الليبي ثم سيقوم بتزويد الدولة الجديدة بالسلاح فهو يكسب ثلاث مرات والبركة بعميد الزعماء العرب وملك ملوك أفريقيا! وهاهو الزعيم القائد الممانع يوجه دبابات الجيش صوب صدور المواطنين المحتجين والمطالبين بالحرية، واللافت للنظر ان الغرب المستعمر القديم يحاول أن يفك أسر الشعوب العربية من مستعمريها الجدد ويساعد تلك الشعوب في استقلالها الثاني عندما يحاول ان يفك اشتباك الزعيم مع شعبه! الغرب في هذه الظروف العربية موقفه مشرف جدا حيث انحاز إلى طرف الشعوب ولم يقف في صف الرؤساء، طبعا بالتأكيد ان له اهدافه وأجندته، ولكن يحسب له انه لم يسكت بل تدخل سياسياً وعسكرياً في بعض الدول! وتصريحات اوباما وكلينتون التي كانت على مدار الساعة ربما أسرعت بإسقاط ابن علي وحسني مبارك، هذه (فزعة) غربية لايمكن الا الوقوف احتراما لها ولكننا في المقابل لن نفوت للغرب سكوته المخجل والمخزي امام مايحدث للفلسطينيين، فهناك شعب عربي أيضا يناضل منذ اكثر من ستين سنة للخروج من الاحتلال الاسرائيلي ويطمح إلى تحرير أرضه التي اغتصبها اليهود بدعم ومساعدة من بريطانيا ثم من أمريكا، والغرب في مسألة فلسطين بالذات يقف مع الظالم ضد المظلوم! ولكيلا يتم استغفالنا فعلينا أن نفهم ان فزعة امريكا واوروبا للشعوب العربية ليست من أجل تحقيق الديموقراطية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ولا غيرها من الشعارات الرنانة! لأنه في نفس الوقت يرتدي سياسيو الدول الغربية قبعات العار وهم يسكتون عن قتل الفلسطينيين وحصارهم في غزة بل ويبررون لإسرائيل القتل والدمار! وتستخدم أمريكا حق الفيتو ضد شعب يحاول ان ينفك من المحتل! ومؤخرا هددت الامم المتحدة فيما لو اعترفت بدولة فلسطين وبأنها ستوقف دعمها للهيئة الدولية! ولذلك فإني أقترح الايتفاوض الفلسطينيون مع الاسرائيليين، لأن في ذلك مضيعة للوقت واختيارا للمفاوض الخطأ، وعلى العرب بعد نجاح ثوراتهم أن يتفاوضوا مباشرة مع الامريكان، فقد ثبت من خلال الوقائع أن مشكلة العرب والفلسطينيين ليست مع اليهود فقط بل مع السياسة الامريكية، وأجزم ان التفاوض مع البيت الابيض مباشرة سوف يختصر الطريق بعان سقط شعار أن أمريكا هي راعية للسلام! وهي الحكم النزيه في هذه القضية.. بل إنهاكما قال المتنبي: فيك الخصام وأنت الخصم والحكم!