الأجانب هم الذين يفدون من إقليم دولة أجنبية إلى دولة أخرى لأسباب متعددة. والغالب أن ينتسب الأجنبي إلى جنسية دولة معينة، لكنه في بعض الحالات قد يكون من عديمي الجنسية، أو من اللاجئين الذين شردتهم الحروب أو تعرضوا للاضطهاد في دولهم. وقد أدى تطور الحياة في المجتمع الدولي المعاصر، وسهولة الانتقال، إلى تزايد أعداد الأجانب الذين يوجدون في مختلف أقاليم دول العالم، وإثارة مشاكل لم تكن معروفة من قبل، مثل ظاهرة الانتقال من أجل العمل، أو الزيارة، أو الإقامة بطرق نظامية أو غير نظامية، والإقامة في دولة معينة فترة طويلة دون الحصول على الجنسية، وما قد يثيرونه من إشكالات قانونية.
وعن التنظيم التشريعي الداخلي للأجانب فالمبدأ أن قانون الدولة هو ما يحدد شروط الجنسية وتحديد من يتمتع بصفة «المواطن» ومن ينطبق عليه وصف «الأجنبي» وما له من حقوق وما عليه من التزامات. ويرد على سلطان الدولة في وضع تشريعها الخاص في هذا الخصوص قيدان رئيسان:-
الأول: الالتزام بتوفير الحد الأدنى من الحقوق التي يجب أن تؤمنها كل دولة للأجانب في إقليمها وفقاً للمبادئ العامة في القانون الدولي مثل: الحق في الحياة، والتملك، والزواج، والسكن، وفق نظام الدولة المضيفة.
الثاني: التزام الدولة باحترام ما قد تكون طرفاً فيه من اتفاقيات دولية ثنائية أو جماعية تتعلق بمعاملة الأجانب. ومن أمثلة ذلك اتفاقيات الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.
وينطوي القانون الدولي المعاصر على مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقة بين الدولة والأجانب. ومن أهم تلك القواعد ما يأتي:
1- حرية الدولة في دخول الأجانب إلى إقليمها أو منعهم. فالأصل أن لكل دولة حرية تقرير قبول دخول الأجنبي إلى إقليمها أو منعه لأي سبب. وتتشدد أغلب الدول في هذا الأمر، خاصة الأجانب الذين يشكل وجودهم في الدولة خطراً أمنياً أو اجتماعياً.
2- مبدأ خضوع الأجنبي للقانون الداخلي للدولة، والتمتع بما يقرره من حماية وحقوق. إلا أن القانون لا يضع الأجنبي على قدم المساواة مع المواطن فيما يتعلق بالحقوق مثل الحقوق السياسية، أو الالتزامات مثل الخدمة العسكرية، وبعض أنواع الضرائب.
3- حق الأجنبي في مغادرة إقليم الدولة. فالمبدأ أن للأجنبي حق مغادرة إقليم الدولة في أي وقت يشاء؛ فالأصل أن إقامته عارضة، وخروجه من إقليم الدولة أمر يتفق مع هذا الأصل العام. وليس لسلطات الدولة أن تمنعه من السفر إلا إذا كانت هناك أسباب تخولها هذا الحق كوجود حكم قضائي، أو تحقيق، أو غير ذلك من الأسباب القانونية.
ويجب أن يكون خروج الأجنبي وفقاً لقانون الدولة الداخلي كالحصول على تأشيرة (مغادرة نهائية) للمقيمين فترة طويلة.
4- حق الدولة في إبعاد الأجانب الذين يقيمون في إقليمها. ولا يملك الأجنبي إلا الإذعان والانصياع لرغبة الدولة. وقرار الإبعاد شأن سيادي يمكن أن يصدر مسبباً ويمكن أن يصدر بدون تسبيب. وقد يكون فردياً كما قد يكون جماعياً. وقد يشمل طائفة من الأجانب.
والإبعاد ليس عقوبة في حق الأجنبي، بل هو إجراء إداري تتخذه الدولة صيانة لسلامة أمنها وأراضيها.
وللدولة في الظروف الاستثنائية ممارسة حق الإبعاد بصفة مطلقة. أما في الظروف العادية فيجب ألا يشكل الإبعاد ممارسة تعسفية.
5- مبدأ تسليم المجرمين؛ فالغالب في فقه القانون الدولي الإقرار بواجب الدولة في تسليم المجرمين أو معاقبتهم وفق قوانينها. والمقصود بالمجرمين من صدرت ضدهم أحكام في دول أخرى من جراء ارتكابهم جرائم، أو مطلوبين لدول أخرى بسبب ارتكاب جرائم. والهدف من ذلك الحد من شعور المجرمين بأنهم في مأمن من العقوبة بمجرد هروبهم إلى دولة أخرى.
إلا أن العرف استقر على أن لكل دولة أن تحتفظ بحقها في إيواء من ترى من الأجانب وعدم تسليمهم إلى دولة أخرى إلا إذا كانت قد التزمت قانونياً بموجب معاهدة دولية نافذة بالتسليم. ويقوم هذا العرف على أساس السلطان الإقليمي لكل دولة على إقليمها. كما استقر القانون الدولي على مبدأ حق الدولة في عدم التسليم في الجرائم السياسية.
تلك أبرز ملامح المركز القانوني للأجانب، وحقوق الدولة المستضيفة لهم، التي لا شك أنها تهم الكثير بحكم أن المملكة واحدة من أكبر الدول المستضيفة للأجانب بصفة مؤقتة لأسباب متعددة، كالعمل، والزيارة، والإقامة. وتقدِّم لهم تسهيلات قَلّ ما توجد في الكثير من الدول، وتتجاوز بكثير الحد الأدنى للحقوق التي يقررها القانون الدولي، ومع ذلك لم تسلم من إساءة البعض بسبب ممارسة حقها القانوني في تطبيق قوانينها السيادية على من ارتكب جرائم على إقليمها.
malshmeri@hotmail.com