الابتزاز من المشاكل التي انتشرت بشكل مخيف في المجتمع السعودي، دائما ما يكون ضحيتها أسر من خلال الإطاحة برب الأسرة، أو شباب غير متزوجين. كنت كتبت قبل فترة مقالا بعنوان ابتزاز من نوع آخر عبر صفحات الجزيرة تطرقت من خلاله إلى موضوع الخط الساخن الذي يتم فيه استغلال الشباب من خلال الاتصال بقنوات ماجنة همها الأول هو الكسب المادي من وراء الشباب المراهق.
وتطرقت من خلاله إلى دراسة نفسية واجتماعية واقتصادية، كما أنني ايضا تطرقت إلى موضوع دور شركات الاتصالات للحد من هذه الظاهر المخيفة والتي تنهش في جيوب شبابنا.
أما اليوم فاستحدث نوع آخر من الابتزاز ولكنه داخل محيط المجتمع وليس ببعيد عنه وهو ابتزاز الشباب للفتيات، والذي أصبح هاجسا يؤرق المجتمع ورجاله والمهتمين فيه. في الفترة الماضية اقامة جامعة الملك سعود ممثلة في كلية التربية قسم الثقافة الاسلامية ندوة عن الابتزاز (المفهوم الواقع العلاج) جاء في أحد أوراق البحث المقدمة وهي من قبل الشيخ صالح بن حميد تعريف الابتزاز بالتالي: هو نمط سلوكي للفساد المجتمعي يمارسه بعض ضعاف النفوس للضغط على الفتاة من اجل الحصول على مآرب أخرى، يتم ذلك عن طريق تخويف أو تهديد الضحية لإرغامها على دفع مبالغ مالية كبيرة أو تقديم الأشياء العينية أو يعرضونهم للإيذاء الجسدي أو التعذيب النفسي أو التوقيف أو المراقبة، حتى ولو كانوا على يقين من أنها تهم باطلة وملفقة. وفرق معاليه بين الابتزاز والرشوة بأن الرشوة تدفع طواعية وبرضى لأنها تحقق منفعة أو مصلحة للراشي؛ أما الابتزاز فينطوي على استخدام التهديد بالإيذاء الجسدي والنفسي أو الإضرار بالسمعة، مؤكداً أنه ما في شك على حرمة كلا الأمرين، وقسم معاليه الابتزاز إلى عاطفي ومادي وإلكتروني، مرجعاً أسبابه لضعف الوازع الديني والاستخدام السيئ لوسائل الاعلام والاتصالات الحديثة.
انبثق من تلك الندوة عدة توصيات جميلة يأتي في مقدمتها بعد اختتام الندوة الحد من الاعلان عبر وسائل الاعلام عن قضايا الابتزاز في المجتمع، كذلك وجوب الحث على تقوية الوازع الديني لدى الجميع فيما يتعلق بموضوع الابتزاز.
على خلفية هذا الموضوع تابعت كغيري عبر شاشات قناة المجد برنامج بعنوان (المخدوعة) قبل فترة ليست بالقصيرة استضاف فيها مقدم البرنامج الشيخ عادل مقبل احد اعضاء هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فرع حي الفاروق بالرياض؛ كانت الحلقة جميلة وفيها من الفائدة الشيء الكثير للفتاة، أنا اكرر هنا للفتاة فقط، لاحظت هذا الشيء من خلال حماس الشيخ عادل مقبل حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الحق خطاه، وكانت علامات الحماس واضحة على محياه. علما انه لم يتفوه بكلمة واحدة لنصح الفتاة للبعد عن هذا الطريق؛ أقصد إقامة علاقات غير شرعية!
المهم، فيما يتعلق بهذا الموضوع هو الرسالة الموجهة للفتاة ليس لها وجود البتة في كل ندوات وحلقات ومواضيع هذه الظاهرة في المجتمع السعودي. يا ترى لماذا؟ ما هو السبب؟ هل المعني بهذا الموضوع هو فقط الرجل، والمرأة خلقت من ضلع أعوج، ومن هذا المنطلق نتعامل معها بخصوص هذا الموضوع ام نتعامل معها بناء على قوله تعالي {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} ما دعاني لهذا الموضوع هو ما قرأته في صحيفة سبق الالكترونية عندما قام رجال الحسبة بالقبض على موظف حكومي في خلوة غير شرعية مع فتاة في احد احياء شرق الرياض بعد اقامة علاقة غير شرعية بينهما؛ كانت بدايتها تخليص ذلك الشاب لتلك الفتاة من قضية ابتزاز مع شخص آخر. من هنا يتضح ان الفتاة أقامت علاقة سابقة مع شاب استغلها وابتزها وطلبت الوقوف معها من شخص آخر وهو من تم القبض عليه في الخبر.
من هنا تبرز قضية مهمة تتمثل بأن الفتاة أقامت اكثر من علاقة، كما هو واضح، وأنا على يقين تام أن الفتاة طلبت المساعدة من رجال الحسبة بتوجيه من ذلك الشاب للفكاك من ابتزاز الشاب الأول. ثم تمسكت بمن ساعدها، ولكن السؤال الاهم: ما هو مصير الشاب الأول؟ لا شك أن مصيره القبع في السجن وتشتيت أسرته إذا كان صاحب أسرة وأطفال؛ لأن قضايا الابتزاز من القضايا الكبيرة التي شدد عليها ولاة الامر -حفظهم الله- لما فيه من ستر للأعراض وحماية للبيوت فقط للفتاة، هذا ما يتم في مثل هذه القضايا. أما الشاب فمصيره خلف قضبان الحديد في السجون. كما ذكرت، الابتزاز يعتبر الآن من القضايا الخمسة عشر المهمة في القضاء.
قابلت أحد الذين تعرضوا لمثل هذه القضية وسرد قصته لي بقوله: تشتتت أسرتي وضاع مستقبلي الوظيفي بسبب قضية دخلت فيها السجن بعد اتهامي بالابتزاز من قبل فتاة عندما تعاملت معها بموضوع عمل من خلال التوصيل للمدرسة كونها معلمة. وبعد المماطلة من قبلها وطلب حقوقي منها اتهمتني بالابتزاز لدى رجال الحسبة، وهم بالمناسبة أصبحو يبحثون عن مثل هذه القضايا لرفع أسهمهم لدى المجتمع، والحد من الحملة الشرسة التي يقوم بها بعض الكتَّاب بسبب أخطائهم المتكررة- للأسف-. أعود إلى سرد قصة ذلك الرجل فأقول: ،أودعت السجن وضاع مستقبلي. على الرغم والكلام لصاحب تلك القضية، انه يعلم عنها الشيء الكثير؛ كونها كالسوسة التي تنخر في المجتمع على حد قوله؛ فهو يعلم انها تقيم علاقات مع كثير من الشباب، وهي متزوجة وربة أسرة ولديها أطفال، وزوجها (يا غافل لك الله). فقد سلم الرجل وأقصد زوجها الخيط والمخيط لها، وترك الحيل على الغارب في بيته كونه يعمل في قطاع خاص يتطلب عمله الغياب عن المنزل أغلب يومه. بينما زوجته معلمة تقضي جل وقتها خارج المنزل مع السائق. أين محاسبة تلك المرأة؟ وهل نتعامل معها بمقتضى قوله تعالى (إن كيدكن عظيم) أم قوله -صلى الله عليه وسلم-: (خلقن من ضلع أعوج)؟!