الحب، ذاك الشعور الذي يرقى بالإنسان ويسمو بالنفس حتى لتشعر أنها في عليين، فبالحب، يترفّع المحب عن الحقد، ويصبح أكثر تسامحاً، وأرقى فكراً، وأرحب صدراً، يشعر بالسعادة والجمال في كل الأشياء و(تُقبل الدنيا على أهل الهوى أنسا وطيبا) هذا في حالة الحب المتكافئ من الطرفين، أما أن يكون الحب من طرف واحد، فهنا تكمن المصيبة، وتشتد الحرقة واللوعة، فيتمنى المحب، ويقول في سره: (ليت أنّا بقدر الحب نقتسم).
قرأت عبارة تخص هذا الموضوع، أعجبتني.. (هل جربت يوما أن تلوث عاطفتك بحب من طرف واحد؟)
مجنون ليلى، الذي أضناه العشق، وسلب لبه وعقله، اهتدى إلى ذلك الدعاء والابتهال الجميل إلى الله، حيث قال:
فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى
فزنّي بعينها، كما زنتها ليا
وإن كان غير ذلك،
.... فبغّضها إليّ وأهلها
فإني بليلى قد لقيت الدواهيا
ويدعو الله بأن يجعل بينهما مساواة في الحب حتى لا يشعر حيالها بالذل والصغار، لاستجداء نظرة أو سماع كلمة، فيقول:
فيا رب سوَّ الحب بيني وبينها
يكون كفافا لا عليّ ولا ليا
ذلك أن الحب من طرف واحد هو الوجد والحزن الذي لا طائل منه، ويجسد ذلك الشاعر دوقلة المنبجي في البيت:
نختصها بالود وهي على
ما لا نحب، فهكذا الوجد
ولكن ما حيلة من أسقطته نظرة عرضاً، وكأنما القدر، نصب له شركاً، كما في حالة الأعشى وصحبه الذين ذكرهم في قوله:
علقتها عرضاً وعلقت رجلاً
غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
وعلقته فتاة ما يحاولها
ومن بني عمها ميت بها وهل
وعلقتني أخرى ما تلائمني
فاجتمع الحب، حبٌ كله تبل
فكلنا مغرمٌ يهذي بصاحبه
ناءٍ ودانٍ ومخبولٌ ومختبل
في هذه الحالة، قد يكون الحل عند البردوني، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، إذ يقول:
والمرء إن أشقاه واقع شؤمهِ
بالغبن أسعده الخيال المنعمُ
وكما قال أحدهم: (الخيال يعطينا فرصة ثانية، حرمتنا منها الحياة) .
- القريات