أنا طالبة سعودية من أم سعودية، تعلمت في هذا البلد المعطاء، أنهيت الابتدائية بتفوق وامتياز وكذلك المتوسطة، وفي المرحلة المتوسطة حصلت على تكريم في مادة الرياضيات مرتين لتفوقي فيها، وفي الثانوية حصلت على تكريم مرتين، الأول في السنة الأولى لمادة الفيزياء، والثاني في السنة الثانية لمادة الرياضيات، وأنهيت المرحلتين الأخيرتين من الثانوية بامتياز عال، فحصلت على نسبة تفوق 96% بقليل فرحت بها، وكانت نتيجة جهدي وتعبي لمدة سنتين أنهيت اختبار القدرات والتحصيلي، فأخذت بالأول 82 درجة والثاني 69 درجة وقدمت على جامعة الملك سعود وجامعة الإمام وجامعة الأميرة نورة وكان هاجسي وأملي أن يتم قبولي في التخصصات الصحية في أي جامعة باستثناء جامعة الإمام لعدم وجود تخصص الطب للبنات، ففوجئت بعدم ترشيحي لهذا القسم، فهل ضاع أمل سنين عمري وجهد عامين من دراستي وحياتي وصحتي بعدم قبولي وتفضيل الأجنبية علي؟
هذا جزء من رسالة طالبة خريجة من الثانوية لم تستطع أن تحقق حلمها في الالتحاق بإحدى كليات الطب في البلد، ولست متأكداً من صحة معلومة أن تقبل غير السعوديات في الجامعات، ولكن أثارت هذه الرسالة شجون القبول السنوية التي تعاني منها الطالبات تحديداً كل عام، رغم الجامعات التي بلغت ما يقارب 25 جامعة وكلية، ورغم ذلك هناك من لا يتحقق حلمها وطموحها بكلية ما مع ما تحققه من معدلات متميزة، فضلاً عن الطالبات ذوات المعدلات المتدنية، اللواتي لا يجدن أصلاً أي قبول في الجامعات، ولعل حادثة اقتحام 700 طالبة بوابة جامعة الطائف بعدما منعن من الدخول وتقديم ملفاتهن، مما تطلب تدخل الجهات الأمنية لتهدئة الطالبات وأولياء أمورهن، إحدى أبرز الحوادث التي تكشف أن مأزق قبول الطالبات لا يرتبط بالمقاعد فحسب، بل بعوامل أخرى قد تكون الواسطة والمحسوبية إحداها كما تصفها بعض المتجمهرات حول البوابة، رغم أن القبول أصبح إلكترونياً كما نعرف!
السؤال المهم في هذه الحالة، أين تذهب بناتنا في هذه الحالة، فنحن نعرف أن باب التوظيف مقفل في وجوه خريجات الجامعات، فمن باب أولى أن خريجة الثانوية العامة لا يمكن أن تحلم بوظيفة، فإذا كانت من حققت نسبة أقل من 80% لا تجد قبولاً في جامعة، فبالله عليكم أين تذهب، خصوصاً أن فرص الطالبات محدودة، فليست لديهن فرص الشباب في المعاهد والكليات العسكرية والبعثات الخارجية ...إلخ.
وإذا كن من حقَّقن أقل من 80% أو حتى 70% لم يجدن فرصة الدراسة الجامعية، فذلك يعني أن ما يقارب نصف خريجات الثانوية عاطلات عن الدراسة والوظيفة والزواج، أي أن البيوت ستتكدس بهن، وسيشقى أولياء الأمور ببناتهم، إلا إذا كان من بين هؤلاء من هو مثل صاحبي أبي محمد الذي تورط ببناته الثلاث، وهو الذي قد تعب من مراوغات المستأجر لعمارته القديمة، فأخرجه منها وحولها إلى مشغل نسائي، لتقوده بناته العاطلات!
ومن لا يملك عمارة مثل صاحبي، يمكنه أن يحوّل مطبخ منزله إلى مطعم للأكلات الشعبية، ويتعاقد من الباطن مع المطاعم المعروفة، لتجد بناته في تقشير البصل فرصة عظيمة لم تخطر على باله!