«الأميـــة في المستقبل ستتحول من أمية القراءة والكتابة إلى أمية الحاسوب»
هذه العبارة جزء من طرح هام ألقاه قبل سنوات أستاذنا الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم السابق عندما كان في سدة المسئولية وفي جمع غفير من التربويين.
أثبتت الأيام صدق رؤيته واستشرافه للمستقبل وكنت أتمنى أنه بدأ في ذلك الحين بتجسيد الرؤية على أرض الواقع بتدريس الحاسب في المرحلة الابتدائية وتعميم تطبيقاته في كل المواد الدراسية حتى يتمكن الطلاب من المهارات بالممارسة دون الاقتصار على حصة واحدة في الأسبوع لا تكفي لأكثر من تعليم الطلاب طرق التشغيل والحفظ والنسخ والقص واللصق والتصفح وكيفيات استخدام الإنترنت ويمكن إضافة فصل عن سلوكيات الاستخدام واختيار المواقع المفيدة والتعريف بعواقب الاستخدامات السيئة وهي سلوكيات مطلوبة للتلاميذ في هذا العمر المبكر وهي سن تتفتق فيها عقول الطلاب وتكون أناملهم الناعمة في حالة حضانة واستعداد للخضوع للمران والتدريب بتوافق عقلي وعضلي سريع ودقة متوقعة في التعامل مع لوحة المفاتيح.
البدء بتدريس الحاسب من المرحلة الابتدائية له مبرراته فالتعامل المبكر مع التقنية يمنح الطلاب مع تقدمهم في الدراسة استيعاباً لمعظم تطبيقات الحاسب التي يحتاجونها في حياتهم، فعصرنا الحالي عصر التقنية والحاسب لا يمكن الاستغناء عنه للجيل الحالي والأجيال القادمة مع سهولة الاستخدام وانتشار أجهزة اللاب توب والآي فون والآي باد والهواتف الذكية والمدرج فيها برامج حاسوبية وهو عصر سينقلنا والأجيال من بعدنا إلى عصور أكثر تقدماً عندما تتمدد مساحات تغطية الإنترنت لتصل لكل المدن والقرى والأرياف وحتى الصحاري والطرق خارج البلدان، وهو عالم ما زال افتراضياً سيحوّل كل مناطق العالم عندما يتحقق إلى ما يُسمى بالمدن الذكية وداخلها يحمل كل فرد متصفحه الخاص في جيبه.
صحيح أن هناك انتشاراً واسعاً للحواسيب والإنترنت في الوقت الحالي لكن ما سيحدث مستقبلاً ربما يكون أعظم وأكثر غرابة وسيؤدي إلى إلغاء التعامل مع الورق تماماً وهو مبرر لتتاح للطلاب فرص استباق الأحداث مع بداية دراستهم الابتدائية وتدريبهم على الحاسب عملياً ليتعلموا مباشرة على استخدام تطبيقاته المتنوعة والمفيدة.. واليوم صار معظمنا يتواصلون ويتصفحون ويكتبون ويحفظون ويرسلون ويستقبلون ويتابعون الأخبار والنشرات الاقتصادية والتداولات وأحوال الطقس وحجوزات السفر والسكن.
مبررات ومسوغات قوية تفرض على وزارة التربية والتعليم التحرك السريع لتدريس الحاسب في المرحلة الابتدائية والتخطيط لمناهج مبسطة ومرنة كي نسبق مجريات الأحداث المتوقعة ونستعد لها جيداً قبل أن تسبقنا ونعلم أطفالنا على الاستخدام الصحيح والمثمر قبل أن يتعلموا بطريقة خاطئة لا تخدمهم.
إذا كانت وزارة التربية ستتحجج بتزاحم المواد فلديها مواد تدرس في المدارس ضمن الخطط الدراسية فوائدها محدودة أو معدومة وعليها غربلة المناهج والتركيز على علوم العصر التي ستقود بلادنا إلى التقدم ومزاحمة الأمم الأخرى، وإن كانت تتعذر بعدم توافر الأعداد الكافية من المعلمين والمعلمات فأقسام الحاسب في الجامعات تُخرِّج المئات وأمام الوزارة حالياً ألف وخمسمائة خريج من كليات المعلمين ينتظرون إشارة الوزارة لتعيينهم ويمكن الاستفادة منهم في تدريس طلاب المرحلة الابتدائية والمتوسطة.
وزارة التربية لن تأتي بجديد إن أقرت تدريس الحاسب في الابتدائي، فمعظم دول العالم سبقتنا لكن علينا ألا نتأخر أكثر من هذا الوقت.
shlash2010@hotmail.com