أحياناً لا تكون حجرتي صالحة لشيء سوى للنوم، فأهرب منها خوفاً من أن يغريني السرير الذي بداخلها وخصوصاً في الصباح فسحره لا يقاوم، آخذ أوراقي وأذهب إلى مقهى اعتدت أن أذهب إليه للعمل، انقطع عنه أسابيع وأعود، كنت أراقب كل شيء بداخله وبخاصة العاملون، فعيناي كانتا تركزان في كل شيء عدا الأوراق التي أمامها. كان يعمل به موظفان مغتربان يحملان الجنسية نفسها قريبان بالعمر مختلفان بألوان الملابس، أحدهما عامل نظافة والآخر نادل، يجلس النادل في زاوية المحل يشرب قهوته أمامه جهاز المحمول الخاص به، يتصفح (الفيسبوك)، مرّت عدة أسابيع قبل أن أهرب من حجرتي وأعود للمقهى، عند دخولي كان كل شيء في مكانه وكأني لم أغادره أبداً نفس الرائحة، نفس طعم القهوة، نفس كل شيء تقريباً عدا شيء واحد تغير ملابس عامل النظافة وأصبح يلبس قميصاً مثل قميص النادل فأعلمت أنه نال ترقية، فقد كان نشيطاً حيوياً ويقوم بعمله بسرعة وفي الزاوية النادل الآخر يشرب القهوة نفسها عابس الوجه يتصفح (الفيسبوك) وكأنه أحد زبائن المقهى وليس موظفاً به، بعد زيارتي الأخيرة تم افتتاح مقهى قريباً من منزلي وأصبح إغراء غرفتي مقاومته شبه مستحيلة فانقطعت عن ذلك المقهى لمدة تزيد عن عام ولأسباب غير معروفة كانت الصدفة واشتياقي لطعم تلك القهوة فقمت بزيارة المقهى الذي هجرته، تغير كثيراً هذه المرة، أصبح مزدحماً أكثر من السابق، به عدد أكبر من الموظفين، تغيرت ألوان جدرانه، خرج النادل من الداخل يضع ربطة على عنقه ويوجه العاملين فعلمت أنه أصبح مشرفاً عليهم، تذكرت النادل الذي يجلس في زاوية المحل والمفاجأة هي أنه لم يكن يجلس هناك والسبب لأنهم قاموا بتغيير طاولات المحل فاتخذ له زاوية أخرى يجلس نفس الجلسة المعتادة، وجهه عابس، قهوته بجانبه، لن أكذب وأقول لم يتغير به شيء، فلقد تغير شيء واحد أصبح يتصفح (التويتر). هناك نوعان من البشر الأول ينتظر الفرصة والثاني يصنعها، هناك من ينتظر النجاح وهناك من يذهب إليه، فتحقيق الهدف لم يكن يوماً صدفة، النجاح لا يستطيع أحد تحقيقه سواك هو شرف لم ينله إلا من استحقه، هو ليس لقباً حتى يورث ولا بيد مسؤول لكي يتوسط لك فتصبح ناجحاً فهو ذلك الطريق الطويل الذي بدأ بالأمس وانتهى اليوم، النجاح هو تلك اللحظة التي تعيش بها ما حلمت به أياماً، هو ذلك النفس العميق والفرحة التي تجعلك تحترم نفسك لأنك أردت فعملت فحصلت النجاح ليس له مقياس وليسهشروط، الناجح ناجح في أي مكان وفي أي عمل، فسائق سيارة الأجرة شخص ناجح لأنه حقق ما كان يطمح إليه فقد اشترى تلك السيارة التي كان يعمل عليها ومدير تلك الشركة ناجح لأنه أصبح شريكاً في الشركة التي كان يعمل بها مديراً والأب ناجح فقد اشترى منزل أحلامه بعد أن كان مستأجراً في عمارة، كل إنسان أصبح اليوم ما كان يحلم به بالأمس هو شخص ناجح بغض النظر عن أهمية وبساطة ما كان يريد، فالنجاح معادلة سهلة: أحلم + أتمنى + أعمل + فأكون. فكن ما تريد أنت وليس ما يريده الناس، اصنع مجدك بنفسك وليس بنسبك أو منصب والدك، من أنت من يفتخر به أولاده يوماً أضف أنت إلى نفسك ولا تدع اسمك هو من يضيف إليك (واعلم أن لا مستحيل تحت الشمس) - نابليون -.