الصوم مدرسة تربي الروح وتقوي الإرادة، ويتميز شهر رمضان بكثير من الخصائص التي تجعله سيد الشهور؛ وفي شهر رمضان من كل عام يستقبل المسلمون في هذه الديار الشهر الكريم، حيث تتجلى فيه روحانية الإسلام بالحفاوة والاهتمام والمحبة.. فهو شهر الخير والبركة والسعادة والنفحات والمكرمات، حيث إن لرمضان طابعاً روحياً عظيماً، وذلك لما فيه من خير وبركة، ويقبل الناس على تلاوة القرآن لما في ذلك من الأجر والثواب وهل هناك أعظم بركة من كتاب الله مع إخلاص القلب وصدق النية إذ هما المحور ومركز الدائرة الذي يدور حوله التوحيد الخالص، وإيقاظ النفوس من غفلاتها وحفز الهمم من كلالها.
فرمضان مشرق بالبهجة للكبار والصغار تصوف فيه النفوس من أكدارها وتصفو فيه الأبدان من أوضارها.
ولفضل شهر رمضان وقيامه أجر عظيم؛ حيث ينزل الله الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء وينظر الله إلى تنافس المسلمين فيه، ويباهي بهم ملائكته؛ فالشقي من حرم فيه رحمة الله.
لقد أراد الله بهذه المواسم أن تكون مهمازاً يذكرون به الله ويكسبون به صفقات رابحة وتجارة لن تبور. فأهلاً بقدوم شهر الصيام شهر الخيرات والبركات والمسرات.
ولهذا الشهر خصوصية في القرآن الكريم كما قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ .. فهو مضمار للتسابق والأعمال الصالحة تضاعف فيه الأعمال ويجاب فيه السؤال، فهو ربيع المؤمنين وفوز المسلمين ومجال الصابرين تزدهر فيه خواطر العقل وسمو النفس وعواطف الوجدان وتجيش فيه القلوب بنبض الهدى وخفقات الإيمان، فيه تغفر الذنوب وتفرج فيه الكروب والصيام والقيام يشفعان للعبد يوم القيامة.
وفي هذا الشهر الكريم يهنئ الناس بعضهم بعضاً بقدومه ولا غرو فالمجتمع السعودي المسلم يتمتع بصفات كريمة وأخلاق إسلامية فاضلة وترابط اجتماعي وتماسك أسري وتزداد هذه المعاني رسوخاً في شهر رمضان وتسمو فيه النفوس المسلمة إلى ملكوت الله وتنزع عن شهواتها وملذاتها إلى خالقها.
وكم فيه من المظاهر التي تنبض بالحياة والإيمان، ولعل من أبرز مظاهر استقبال الشهر الكريم توطيد أواصر الأخوة بين أفراد المجتمع، حيث يعيشون في ترابط اجتماعي ومودة وصفاء ورحمة وتعاطف ويقومون بزيارات عائلية لبعضهم البعض، فيلتقي أفراد الأسرة ويشعرون بالود والصفاء والألفة والمحبة، حيث يتعرف الصغار والأطفال بعضهم على بعض فتقوى العلاقات وتزداد الروابط الاجتماعية وتتوثق الصلات الأسرية.. ولاشك أن هذه من نفحات هذا الشهر الكريم وفضائله، فهو بحق جامعة للتآخي والفضل والاستقامة والتربية الروحية والتذكر بالإيثار والرحمة وحقوق الله وحقوق عباده.. فأهلاً بشهر الصيام شهر السمو والطهر، زينة الشهور وحلية الأعوام ومدرسة الأجيال.