|
تحقيق - صلاح الشريف
قضية هروب الخادمات أصبحت من الظواهر التي يجب الوقوف عليها والاهتمام بها كقضية ومعالجتها بحزم حيث أصبح الحصول على خادمة من الأمور الصعبة التي تشغل بال الكثير من الأسر ولا تقف المشكلة عند الحصول عليها والتي تعتبر معاناة وقصة لا تنتهي بوصول الخادمة ولكن يبدأ الجزء الآخر من القصة أو الحلقة الثانية وهو هروب الخادمة واختفاؤها ليس بسبب المعاملة من الأسرة التي تستقدمها لأن الكثير منهن يهربن بعد وصولهن بوقت قصير إلى أماكن غير معلومة.
وفي هذا التحقيق «في جزئه الثالث» نحاول أن نلقي الضوء على هذه الظاهرة التي تؤرق الكثير من الأسر.
في البداية تقول السيدة أمل «أم ماجد»: بعد معاناة ومعاملات وانتظار وصلت الخادمة التي تم استقدامها وتكبدنا خسائر مادية ومعنوية حتى وصلت إلى المملكة وذهبنا لاستلامها وأخذناها إلى البيت ووفرنا لها كل ما تحتاجه من سبل الراحة حتى تعمل في جو هادئ وبعد عدة أيام وعندما عدت إلى البيت من العمل لم أجدها في البيت وبحثت عنها وانتظرت لأني كنت أعتقد أنها خرجت للسوبر ماركت لتشتري ولكن طال الانتظار ولم تعد وقمت بإبلاغ المكتب الذي استقدمها ولم يفيدوني بشيء وبدأت في دوامة أخرى ومعاناة أكبر في البحث عن بديل وتأمين مبلغ لاستقدام أخرى وهنا أقول من يتحمل هذه المشكلة.
أسباب الهروب
من جانبها قالت فاطمة الحميد: إن تكرار هروب الخادمات لها أسباب منهـا: عدم معاملة الخادمة معاملة حسنة عند بعض الأسر؛ حيث يستنزفون جهد الخادمة فوق طاقتها متناسين أنها إنسانة.. وهناك بعض الأسر يجعلونها مربية وطباخة وعاملة في آن واحد (ولا بد من معاملتها بالمعاملة الحسنة لأن الدين المعاملة). وبعض الأسباب لهروبهم الطمع والجشع من قبل الخادمة نفسها والبحث عن الترف أو ربما غرر بها أو تكون قد سرقت من سيدة المنزل مما جعلها تهرب لكي لا ينكشف أمرها وأجدها فرصة لأقول لأصحاب المكاتب الذين يغررون بالخادمات والاستفادة من هروبهن وتشغيلهن بجهات أخرى: اتقوا الله واجعلوا شعاركم الصدق والأمانة.
أريدها بأي سعر
من جهته قال السيد ماهر والذي التقينا به في أحد مكاتب الاستقدام: كما ترى أداوم بشكل يومي وأبحث عن شغالة بأي سعر لظروف عائلية ولقرب شهر رمضان الكريم والذي يستدعي وجود الشغالة والتي أصبحت من الضروريات للكثير من الأسر ولكن النقطة الأهم والسؤال الذي يطرح نفسه هل لو وجدتها ستبقى معنا أم ستهرب وإذا هربت من المسؤول عنها وأتمنى أن يكون هناك تكاتف بين الجميع للحد من ظاهرة هروب الخادمات بعدم تشغيلهن إلا بصفة رسمية وهذه أمنية أتمنى أن تتحقق.
عدة عوامل
كما يشاركنا الرأي عبدالله محمد الفوزان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي قال: هروب الخادمات ظاهرة اجتماعية ارتبط ظهورها باستقدام الأسر السعودية للخادمات بأعداد هائلة... إذن هي أحد العوارض السلبية المرتبطة بالاستعانة بالخادمات من قبل الأسر السعودية... وهناك جملة من العوامل يمكن أن تفسر لنا هذه الظاهرة منها ما يتعلق بالخادمة ذاتها ومنها ما يتعلق بأنظمة العمل ومنها ما يتعلق بالأسرة المستقدمة للخادمة... فالعوامل المرتبطة بالخادمة تتمثل في وجود النزعة للهروب والاستعداد لذلك حتى لو تواجدت الخادمة في ظروف عملية طيبة داخل الأسرة كما أنها قد تكون مدفوعة إلى ذلك من قبل عصابات تشجعها على الهروب سواء في بلدها الأصلي أو داخل مجتمعنا بحيث تستغلها تلك العصابات أما بالعمل بأجور أكبر وبصورة غير نظامية أو استغلالها في الدعارة لتحقيق مكاسب أكبر... كما أن الأمراض النفسية التي تعاني منها بعض الخادمات بالإضافة إلى العجز عن التكيف الاجتماعي مع ثقافة المجتمع السعودي يمكن أن تفسر لنا ظاهرة الهروب هذه... والعوامل المرتبطة ببيئة العمل فمنها التعامل السيء من قبل الأسرة التي تعمل لديها الخادمة وتشغيلها لساعات طويلة لا يمكن أن تتحملها الخادمة وحرمانها من حقها بالراحة وعدم إعطائها حقوقها المالية أو التأخر في ذلك بالإضافة إلى التحرش الجنسي من قبل بعض أفراد العائلة فهذه كلها عوامل مساعدة وتهيئ الأرضية لهروب الخادمة. وهناك عوامل تتعلق بطبيعة الأنظمة القائمة التي قد تكون متراخية في إيقاع العقوبات على المتسبب في هروب الخادمات سواء كانت الخادمة نفسها أو الأسرة التي تعمل لديها الخادمة فلابد من وجود أنظمة صارمة تحافظ على حقوق الطرفين إذا أردنا الحد من هذه الظاهرة بالإضافة إلى التثقيف والتوعية للخادمات والأسر السعودية من أجل الحد من هذه الظاهرة المستفحلة.
نظام البصمة
وقال العميد مسفر الجعيد الناطق الإعلامي بشرطة محافظة جدة: هذه القضية أو الظاهرة ظاهرة هروب الخادمات تأتي من عدة أسباب أهمها دوافع مادية مما يضطر العاملة المنزلية للهرب حتى تعمل براتب أفضل طبعا بالتعاون مع أحد أبناء جلدتها أو قد يكون هروبها بسبب سوء المعاملة فتضطر للهرب وهنا تكمن المشكلة وللأسف أن هناك شغالات يهربن بعد وصولهن بأيام قليلة لأنهن كن مخططين لذلك وأرى أن وضع نظام البصمات للجوازات قد حد كثيرا من إشكالية هروب الخادمات وبرأيي أن هذه الظاهرة بدأت تخف بسبب نظام البصمة وبقي المتابعة لهذه العمالة وعدم إعطائهم الثقة المفرطة وأيضا معاملتهم معاملة إنسانية لأن ديننا الحنيف حث على ذلك.
حق المواطن الضائع
وشاركت الإعلامية نهى الجديبي مذيعة بإذاعة البرنامج الثاني جدة قائلة: لعلي أجد من خلال كلماتي أسبابا ومعللات جوهرية ومنطقية وأيضا سبلا ومقترحا للعلاج...أولا أسباب الهروب من قبل الخادمات:
- ضعف المردود المادي للخادمة المستقدمة وعلى كفالة مكفولها وحسب النظام مقارنة بتلك زميلتها من نفس البلد أو بلد آخر الهاربة التي تتقاضى الضعف.
- ضعف وسكوت للأسف بعض الأجهزة الأمنية وإهمالها لحق المواطن فلو كانت هنالك عواقب وخيمة تنزل على صاحب المكتب المستقدم وأيضا على الخادمة الهاربة لما نجى كلاهما من العقاب والحق الشرعي...للأسف نجد أن المواطن يتحمل حتى مشاكل هروبها من كل النواحي..خسارة مادية خسارة نفسية وجهد تبليغ وتسفير وإعلان وبلاغ هروب وفي حين عثر عليها يجازى المواطن لابد من مراجعة قوانين وحقوق الاستقدام لكل الأطراف...مكتب...مستقدم الذي يمثل المواطن...والخادمة نفسها.
- أيضا زيادة الطلب من قبل المواطن على الخادمة وحاجته في الحصول على هذه الخدمة من جهة وضعف ما لدى المكاتب وتأخيرها وأيضا إحضارها شخصا قد لا يتماشى مع رغبة المواطن...لذلك يلجأ للحل البديل الخادمة الهاربة ويجرب حتى يجد الأفضل والمناسبة له وأيضا للخادمة نفسها قد تجد نفسها أيضا أمام واقع مجهول لا يتماشى مع نفسيتها ولا تستطيع التكيف مع المنزل الذي أحضرت من أجله.
- من الأسباب أيضا وجود سماسرة ومدراء حسب تعبير الهاربات أنفسهن وأحيانا يكون هذا الوسيط أو السمسار أو المدير رجلا أو امرأة أو شبكة من نساء ورجال تسهل على المستقدمات أو اللاتي أتين للبلاد عن طريق العمرة تسهل لهم الإجراءات والوصول للوكر بمجرد دخولهم للبلاد....والقضاء على هذه الشبكات والخلايا هو الأساس طبعا أما العلاج فيتمثل في إيقاف الاستقدام لعدة سنوات مثلا وتحصل شركة على تصريح من قبل الدولة لتصحيح أوضاع الخادمات الهاربات ويصبح من حقهن وجود سكن يسترحن فيه لمدة يومين في الشهر مع أزواجهن لتصبح كل الهاربات نظاميات وتعطى مابين الألف ريال والألف والثلاثمائة حسب احتياج المواطن لها ومنزله ومساحته وعدد أفراد الأسرة وعدد الغرف...ويكون أيضا لهن حق الإجازة في رؤية أزواجهن ولهن وللمواطن أيضا حق الاختيار والتجربة لأسبوع مثلا أو لمدة شهر.
تبيت النية للهرب
ثم تحدث نزال العنزي والذي يعمل بمكتب استقدام بجدة قائلا: ظاهرة هروب الخادمات من منازل الكفلاء من الظواهر المنتشرة في مختلف مدن المملكة، والتي لها أضرار لا تخفى على أحد، مما يسبب للمواطنين التعب والجهد والخسائر المادية فبعض الخادمات تصل للكفيل وفي اليوم الثاني تهرب من المنزل بهذا نعرف أنها مبيته النية للهروب من قبل أن تصل إلى الكفيل حيث إنها لم تعمل لدى الكفيل حتى تعرف أن هذه العائلة تعاملها معامله حسنة أم لا مما يدل على وجود أشخاص خلف هذه القضية حيث إن الخادمة تأتي إلى الكفيل وهي مزوده بأرقام أو عناوين أشخاص ينتظرونها حتى يقوم بأخذها إلى حيث الموقع الذي يقوم بتشغيلها براتب أعلى من راتب الكفيل الذي أتت على كفالته. مما يسبب أضرارا للمواطن حيث إن الكفيل تكون زوجته موظفه ولديه أطفال فيقع في حيرة من أمره لا يستطيع ترك أطفاله بالمنزل لوحده وأيضا لا يستطيع منع زوجته من عملها عطفا على التعب الذي يواجه الكفيل في إجراءات التبليغ عن الخادمة من مراجعه لمركز الشرطة ورعاية شؤون الخادمات وسفارة البلد الذي أتى منه المستقدم وأخيرا إدارة الوافدين للإبلاغ عنها وبعد هذا كله يقوم بسداد الرسوم حتى يصدر تأشيرة جديدة ناهيك عن إذا كان الهروب بعد مدة الضمان ألا وهي ثلاثة أشهر من تاريخ قدوم العمالة إلى المملكة فيتكبد الكفيل جميع الرسوم وتبدأ دوامة الانتظار من جديد ومن المسببات التي تدعو العاملات للهرب شبكات التهريب الداخلية: وهي أهم عامل من العوامل حيث تزود الخادمة برقم اتصال داخل المدينة التي ستعمل فيها الخادمة، وبعد قضاء فترة في منزل الكفيل تتصل بالشبكة الداخلية التي تتفق معها على هروبها من المنزل، ثم تعمل على تشغيلها بنظام اليوم أو الشهر برواتب عالية تمثل ضعف راتبها أو أكثر، أو لأسباب أخرى. أو لكونها ترى الراتب أقل مما تستحق، أو لكونها لم تجد معاملة حسنة من الكفيل أو أهل بيته. وقد ترى بعض الخادمات أن العمل المناط بها أكثر من طاقتها فتقوم بالهرب كما أن هناك بعض العوائل يعمل لديها عاملات هاربات ويختلطن بعاملات مستقدمات على الكفالة عند اختلاط بعض العائلات في مناسبات أو زيارات فتعتبر العاملات المتخلفات أو الهاربات خير سماسرة لشبكات الخدم إما بتزويدها بأرقام أو عنوان المكان أما ما يخص مكاتب الاستقدام وأنا هنا أتحدث وأنا أحد العاملين بهذا النشاط فأنا لا أعتقد أن أي مكتب يرغب بخسارة عملائه ولا أنشاط تجاري يرغب بالخسارة فلو افترضنا جدلا أن أي مكتب كان يقوم بهذا العمل فإن العميل الذي تهرب عاملته بعد الثلاثة أشهر لا أعتقد أنه سيعود لنفس المكتب فبهذه الطريقة يكون المكتب خسر أحد عملائه إضافة إلى من يعرفه الكفيل أو عائلته فمكاتب الاستقدام الدعاية الحقيقية لها هي عملاؤها وهنا لابد من الإشارة إلى أن نظام البصمة حد من هذه الظاهرة كثيرا حيث إن الهروب الآن خف كثيرا هذا ما أراه من واقع تجارب واقعية وخلاصة خبرة عملية.
أبعاد اقتصادية
وشارك جمال بنون إعلامي وكاتب اقتصادي رئيس المركز السعودي للدراسات والإعلام برأيه وقال حول هذه القضية: أتحدث عن البعد الاقتصادي حيث يبلغ حجم الخسائر في سوق العمالة المنزلية أكثر من مليون ريال يوميا وهو مبلغ مهول وبحسبة بسيطة فاستقدام الخادمة يكلف الأسرة حوالي 4000 ريال ولدينا يوميا تهرب مابين 300 إلى 500 خادمة فكم يكون هذا المبلغ في الشهر والسنة وهذا المبلغ يخسره أنا وأنت من العمالة المنزلية الهاربة التي تخلق سوقا سوداء وسترتفع أسعار الخادمات أضعافا وخاصة مع قدوم شهر رمضان المبارك والحل من وجهة نظري أن نعمل مثل الدول الغربية وهو السماح لشركات بأن تكون مسؤولة عن جلب العمالة المنزلية وتأجيرها لمن يحتاج وبهذا ستحل الكثير من المشاكل التي تأتي بسبب العمالة المنزلية ونحن لدينا مشكلة في التعامل مع الخادمات فلماذا لا نشغلها في ساعات معينة وقت الحاجة بدل اليوم الكامل الذي تقضية الخادمة في البيت ويسبب لها الملل والهروب من البيت ولا توجد وسائل ترفيه أو إجازات أسبوعية للترويح ولو وجدت جهة تكون مسؤولة عنهم كجمعية أو يكون المسؤول عنها من أبناء جلدتهم لمتابعتهم واحتوائهم والاهتمام بهم ورعايتهم لكان ذلك أجدى حيث تتركز المسؤولية على هذه الجهة ونحن للأسف لدينا مبالغة مثلا تجد الكثير من الأسر لديها أكثر من شغالة وتلاحظ ذلك في مناسبات الزواج أو المناسبات العامة فتجد الأسرة تصرف على الشغالة سنويا 20 ألف ريال بسبب هروب الشغالات فعندما يستقدم خادمة وتهرب يضطر لاستقدام أخرى ونحن لدينا بطالة وقلة وظائف وأجزم أن 40% من بيوتنا فيها خادمات هاربات وهذا أحد الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة التستر على الخادمات الهاربات واستئجارهم بأي مبلغ وأخيرا أقول إن الحل من وجهة نظري إيجاد شركات تقوم باستقدام الخادمات وتأجيرهن على من يحتاج حتى تتحدد المسؤولية.
رأي الجوازات
وشارك معنا في هذه القضية برأيه الرائد محمد عبدالله الحسين المتحدث الرسمي لجوازات منطقة مكة المكرمة قائلا: ما يخص الجوازات في هروب الخادمات بداية من إصدار الإقامة عند وصولها والجوازات تتلقى بلاغات هروب الخادمات عن طريق المواطنين على 992 أو عن طريق تحريات البحث والتحري أو المصادر السرية للجوازات التي تحدد أماكن تجمع الخادمات فتقوم الجوازات بتفتيش تلك الأماكن والقبض على الهاربات هذه ناحية أيضا متابعة المخالفات لنظام الإقامة ومن ضمنهم نجد هاربات من نظام البصمة النقطة الثانية التي تقوم بها الجوازات وهي تحديد أماكن السماسرة من الجنسين الذين يقومون بالاتصال بالخادمات وتسهيل هروبهن أو إيوائهن أو تقديم العمل لهن ويتم القبض عليهم، وعن أسباب هروب الخادمات أضاف الرائد محمد: الأسباب مختلفة منها مالية واجتماعية أو ضغوطات وهذه تسأل فيها المختصين ولكنها تنحصر في الأسباب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والحلول لها أن الجوازات بدأت في أخذ الخصائص الحيوية والبصمة هذي ناحية الناحية الثانية تضييق الخناق على سماسرة التهريب والإيواء والتشغيل وهنا أهيب بالمواطنين وأدعوهم لعدم تشغيل الخادمات الهاربات مما يترتب عليه آثار أمنية خطيرة قد تكون الهاربة قاتلة أو سارقة أو مريضة وعدم تشغيل هذه العمالة بصفة غير رسمية حتى يتم الحد من هذه الظاهرة.