يستنشق الشعر كما الهواء الملبد بالياسمين، يخطف بصره وهج البيت الأول، ويستدرجه البيت الثاني إلى حفلة الغرق، يسلم للقصيدة عجلة القيادة، ويغيب فيها عنها وعنه، يتسرب الشعر عبر مسامات حسه إلى قلبه ليجري مع دمه إلى كل ذرة منه؛ لتصبح جميع خلاياه مناطق إحساس عالية الامتصاص لموجات الغرق، وتبتلعه القصيدة.
يهجر بغرقه العذب جدب الواقع الرياضي وجفاف الأيام المليئة بالماديات، ويدرك أن الصمت الذي يعيشه بحضرة قصيدة إنما هو الحديث الذي يبحث عنه، ويهيم في فضاء الشعر بألوانه الزاهية التي يدرك من خلالها لذة لغة الألوان وشافيتها العذبة التي يفتقدها في كل الألوان الصاخبة التي تصدم عينه بجرأة وضوحها.
بهذا الغرق يُنقذ عمره من صلف السنين التي لا تجيد إلا لغة الأرقام وأنانية العطاء إلا بشروط، وينعتق من مخالب النخاسة بحق المشاعر النقية والأحاسيس الطيبة والنوايا البيضاء، ويهرب من أنياب الحسد إلى أنامل العاطفة الرقيقة والابتسامة التلقائية، إنه القارئ المدهش اللذيذ العذب الغائب أو المختبئ أو الصامت الذي يبحث عنه كل مبدع فهل له وجود؟؟ أتمنى ذلك.
وقفة:
اغرقي وأغرقيني في بحور الهوى
فيك ولاّ معك دنيا الغرق لي حياة
لذة العمر في لحظة غرقنا سوا
علنا بالغرق نرسم طريق النجاة
fm3456@hotmail.com