أقرأ، وتقرؤون في الصحف - هذه الأيام بالذات - أخباراً حول اعتناق مجموعة من الوافدين من جنسيات مختلفة للإسلام، حتى أن بعضهم لم يمر شهر على قدومه للمملكة! وتجد التعليقات تتوالى على الخبر بالتهليل وحمد الله لدخولهم في الدين القويم! ولا شك بأنه يسعدنا دخول الوافدين الأجانب للإسلام، ويسرنا أن تكون بلادنا منارا للمسلمين ومشعلا للهداية وأن نكون سببا لدخولهم في هذا الدين العظيم، إلا أن ذلك يجب ألا يدخلنا في دائرة الاستغفال.
ولابد - والحالة هذه - أن نتساءل: لماذا يكثر الدخول في الإسلام قبل دخول شهر رمضان المبارك بالتحديد؟ والأمر لا يحتاج لكثير ذكاء! لأن هناك امتيازات وتسهيلات للعمال والموظفين المسلمين بتخفيض ساعات الدوام أو أداء العمل ليلا وهاتان الميزتان كافيتان للدخول في الإسلام، حيث لا يتطلب إلا تلقين الشهادة من لدن إمام مسجد أو مسؤول في مكتب توعية الجاليات! ومن ثم سينال الاهتمام والرعاية وبعدها يُنسى الأمر تماما فلن يراقبه أحد، فالعبادة هي عقد بين المرء وربه.
وما يؤسف له أن فكرة الدعوة للإسلام استغلت عن طريق المطويات والأشرطة استغلالا سيئا، ولا يعني ذلك عدم الاستفادة المطلقة منها، ولكن كان ينبغي التعامل معها بطريقة عقلانية موضوعية، والاكتفاء بالتعريف بالإسلام كونه دينا عظيما يشتمل على العبادات السامية والسلوكيات الراقية، وأن اعتناقه يبعث على الارتياح والسعادة حين يستشعره المرء، فيتبع أوامره ويجتنب نواهيه، دون مهرجانات واحتفالية بدخولهم فيه.
ولعل من خاض تجربة الدعوة للإسلام، يدرك تماما أنها ليست بالصورة المأمولة! فالكتيبات والمنشورات تُطبع ويسوق لها وتشترى أو يحصل عليها مجانا، إلا أن الشخص المقصود بالاستفادة منها لا يأبه بها، ويعتقد أن دخوله للإسلام هو منَّة منه عليك! وقد تتفاجأ عندما تجدها بعد هروب العامل أو سفره قد وضعت في أماكن لا تليق بها وهي تحمل آيات كريمة وأحاديث نبوية شريفة.
وربما يكون أحدكم لاحظ عامله أو سائقه وقد استغل حيلة الدخول في الإسلام للغياب عن المنزل والمكوث في المسجد وقت طويل بحجة أداء الصلاة، ولو كان صحيحا لكان مقبولا! ولكنه لا يعدو عن كونه استغفالا. بل قد تصبح هناك حالة من الاستعلاء على كفيله وأفراد عائلته بأنه صار مسلما (رأس برأس) فلا يتقبل التوجيه لأنه (نفر مسلم). ونحن شعب طيب يفرح باعتناق الضالين للإسلام ونتحمل تبعات ذلك ، بل يلجأ البعض بدافع الأجر لرفع سقف الراتب حين يصبح مسلما.
والواقع غير ما نتوقعه، حيث تكشف المداهمات أن أكثر من يقوم بالسرقة والتخريب وصنع الخمور هم الوافدون المسلمون أو ممن اعتنقوا الإسلام حديثا غير مكترثين بما يستوجبه هذا الدين من تحريم السرقة والإفساد في الأرض.
وحيث إن القدوة والسلوك الصحيح هما أكبر داعيين للإسلام، فلندعهم يسلمون دون احتفاء أو مهرجانات أو توزيع هدايا أو.. أحلام وردية، ووعود غير واقعية!
وليكن الإسلام خيارا شخصيا لهم، ليعلموا بعدها أنه من أفضل الخيارات التي تقودهم للنجاة في الدنيا والآخرة، بكل ما يشتمل عليه من كبح جماح الهوى، وقهر نوازع النفوس وشهواتها..
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net