إن استشراف طبيعة المرحلة المقبلة، ومتطلباتها، ومواكبة التطورات، واحتياجاتها، تستدعي دفع عجلة التنمية في مختلف المجالات، ومن ذلك: صيانة حقوق الناس، وحراستها من دواعي الإهمال، والتفريط، والتي تُعد بحق حجر الزاوية في تحمل المسؤولية الكاملة. والتي تندرج في باب السياسة الشرعية، فيكون الواجب في هذه الحالة، هو: إحكام صياغة العملية الانتخابية، بما أننا مقبلون عليها بعد أيام قليلة، حتى لا يُهدم أصل قطعي في الشريعة الإسلامية، أو يعارض حكم من أحكامها.
وأقرأ على سبيل المثال ما قاله شيخ الإسلام -ابن تيمية- رحمه الله: «واعلم أن جميع الولايات، والاختيارات، يكون مقصودها إعلاء كلمة الله -عز وجل-؛ لأن المقصود، هو: إقامة العدل، والقسط على منهج الأنبياء».
مناسبة ما سبق، هو قرب قيد الناخبين المرشحين في الانتخابات البلدية السعودية، - وبالتالي- فإن صوت المواطن سيطال نتائج الأمور، وسيعتمد على ثقته بالشخص المراد التصويت له، ومعرفة مقدار كفاءته، وإمكانية استثمار الفرص المتاحة إلى أقصى حد ممكن. ومثل هذا الخيار لم يعد خياراً وظيفياً ثانوياً، بل هو خيار ضروري، وعلينا الاستفادة من دروس الماضي. خصلتا «الأمانة والقوة»، رمزان مهمان في المعادلة الانتخابية. فالأول: يستلزم منه الإيمان بالله وحده، والآخر: يستلزم منه توظيف -كافة- الإمكانات المادية، والمعنوية التي يتمتع بها الإنسان. فإن تم الاختيار على الوجه الصحيح، فسينال كل ذي حق حقه، عندما تتقدم المصالح العامة على المصالح الخاصة. بل سيكون فيه، استكمال لمسيرة الإصلاح الوطني الشامل في إطار خدمة الوطن. واختيار الذين يمتلكون الرؤية الشمولية الوطنية ؛ ليكونوا أكثر فاعلية، وقدرة على تلبية طموحات، وتطلعات المواطنين وهذا المراد موافق لما يذكره أهل العلم في هذا الباب العلماء، عندما يشيرون إلى القاعدة الشرعية، والتي مفادها: «أن من اختار لنفسه، فإن الخيار هنا خيار تشهٍ، ومن اختار لغيره، فإن الخيار يكون خيار مصلحة». إن اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، من غير محاباة، وممن ليس لهم مصالح شخصية، وأجندات خاصة -مطلب مهم-. ورحم الله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حين قال: «من اختار شخصاً، ويعلم أن هناك شخصاً أكفأ منه، فقد خان الله، ورسوله، وأمانة المسلمين». فسياسة استرضاء القريب، وتقديم المصلحة الشخصية على حساب المسيرة الوطنية، أمر لا يصح شرعاً، ولا عقلاً. بل إن الاختيار المقبول في الضمير الحي، هو ما توفر فيه جانباً»الأمانة والقوة»، وهما -بلا شك- لغة العصر، باعتبارهما مركز الدفع نحو الإصلاح، والمراجعة بشكل شامل.
drsasq@gmail.com