الحمدلله والشكر لفضله، أبشركم.. تحررت المرأة السعودية من تلك البطاقة الصفراء أو البيضاء التي تلوح بها على طاولة الجوازات عند السفر. النظام الجديد اعترف أخيراً بالتقنية وصار تصريح ولي الأمر (الرجل) للمرأة بالسفر مستور داخل أجهزة الحاسب الحالي!
إن قضية سفر المرأة بإذن ولي أمرها أو دون إذنه تدخل ضمن العلاقة الشخصية بين الطرفين، وتختلف محدداتها من أسرة لأخرى، ومن تربية ونشأة لأخرى، فهناك أولياء أمور لا يفرقون بين الفتاة وأخيها، بل إن بعض الآباء يؤمن بأن الفتاة تستحق الثقة في بعض الأحيان أكثر من أخيها، إذ إنه في الغالب لا تخون (الأنثى) ثقة أهلها. بعيداً عن هذه القضية وما يدخل في ضمنها من اختلافات أسرية تعتمد على النشأة وطريقة التفكير، فإن الحديث الأهم هو ما يمكن أن يُناقش حول الأنظمة التي تضع المرأة «مدى الحياة» قاصراً. ولنمسك العصا من منتصفها، ونمنح الثقة على الأقل للنساء اللاتي تجاوزت أعمارهن الأربعين، على الأقل ستفرح المرأة بهذا السن الفاصل في حياتها، فإن كانت الأنظمة غير قادرة على منح الثقة للنساء الصغيرات فعلى الأقل في سن الأربعين، فمن غير المعقول أن تعيش المرأة طوال حياتها دون أن تشعر بوصولها إلى سن النضج في يوم ما، أما أن تظل معلقة ورهينة لحجج واهية تدور ما بين (الولاية) و (المحرم) وغيرهما من بعض الصور التي بتنا نعيشها يومياً من داخل قاعدة سد الذرائع. ما أقوله ليس احتجاجاً على الأوامر الدينية ولا رفضاً لولاية الرجل التي أعتز بها شخصياً، لكنها أمور منطقية وتفتح بوابة النقد أمام المغرضين الذين يجدوها مادة دسمة للتنطع الإعلامي، مع أننا في هذه المرحلة نعيش أجواء صحية مع النقد الذاتي، وجيد أن ننقد أنفسنا قبل أن ينتقدنا الآخرون. أحاول أن أضع بعض الأفكار التي كما أسلفت هي من أجل إمساك العصا من منتصفها، وذلك بأن يسمح قانون الجوازات للمرأة بالسفر دون موافقة إن هي تجاوزت سن الأربعين، وفي حال لم يكن هناك تراض بينها وبين ولي أمرها بالسفر فإنه بإمكانه الذهاب إلى الجوازات لكتابة طلب يمنعها من السفر دون موافقته فهذه بالنهاية قضية شخصية، وهذا النظام معمول به في أقرب الدول لنا وهي (الكويت) إذ بإمكان ولي أمر المرأة لديهم منعها من السفر في حال توافرت له أسبابه الخاصة.الإنسان وصف بالإنسان في الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والاتفاقيات وكل مناحي الحياة، ولم تخصص الإنسانية لجنس دون آخر، ومطالبتي هنا ليست تعجيزية ولا هي خارجة عن الأطر الإسلامية ولا حتى عن الأعراف والتقاليد، لأن المرأة يجب أن تكون ناضجة، وإن كانت الولاية التي قصدها التشريع الإسلامي هي لخدمة المرأة والوقوف على احتياجاتها فعلينا أن نخرج فوراً عن التأويلات اتي مسَّت النصوص الدينية والتي جُيِّرت في أحيان كثيرة ضد المرأة، وأحيان أكثر لصالح الرجل. التصريح الإلكتروني خطوة جيدة، وأراه تسلسلاً منطقياً لدحر بعض القوانين التي لا تنطبق مع معطيات هذا الواقع، فعلى الأقل تجاوزنا كنساء الشعور بالنقص عند عبور طاولة الجوازات بتلك البطاقة الصفراء أو البيضاء، والمؤلم أكثر أن ترفعها أمهاتنا وجداتنا الكبيرات في السن وكأنهن يحملن بين أيديهن صكاً عنوانه: «أنا قاصر»، وليكن هذا العنوان مختبئاً في أجهزة العاملين بالجوازات، لتعبر متسائلة: متى سأنضج؟
www.salmogren.net