|
د. حسن أمين الشقطي
اجتاز سوق الأسهم الأسبوع الأخير لفترة تداول ما قبل رمضان مباشرة بتراجع طفيف بنحو 44 نقطة، وهو الأسبوع التالي لاكتمال الإعلان عن نتائج كافة الشركات المدرجة بالسوق.. ورغم أن (111) شركة قد أحرزت نموا في نتائج أعمالها للنصف الأول من هذا العام مقارنة بالنصف الأول من العام السابق، في مقابل حوالي (34) شركة حققت تراجعا في صافي أرباحها.. إلا أنه من جانب آخر، فإن هناك حوالي (15) أحرزت خسائر صافية للربع الثاني من هذا العام مقارنة بالربع الأول من نفس العام.. أما أبرز المستجدات على الساحة العالمية، فهي أزمة الدين الأمريكي التي أثيرت بقوة هذا الأسبوع، والتي بدأت تثير مخاوف كافة البورصات العالمية، والتي من بينها سوق الأسهم السعودي.
(15) شركة فقط هي التي أحرزت خسائر للربع الثاني
هناك (15) فقط شركة خرجت خاسرة في نتائجها للربع الثاني من هذا العام، وهذه الشركات محل نظر ودراسة لأهميتها من عدة جوانب، أهمها مدى اقتراب حجم خسائرها من 75% من رؤوس أموالها وهي التي يمكن أن توجب إيقافها أو تعليق تداولها.. إلا أن هذه الشركات تتضمن شركات جديدة لا خوف منها مطلقا، وخسائرها جاءت نتيجة أنها لا تزال في مراحل تشغيلها الأولى، والتي هي خسائر طبيعية في ميزانياتها، وينطبق ذلك على أربعة شركات بتروكيماوية حديثة العهد بالسوق، كما ينطبق على سهمي مدينة المعرفة وجبل عمر.. إلا أن الشركات التسع المتبقية هي التي تثير الجدل حول أسباب استمرار خسائرها للربع الثاني، وهي تهامة والباحة واتحاد عذيب وزين السعودية وجازان للتنمية والشرقية للتنمية والأسماك والقصيم وثمار.. وبالطبع يمكن توصيف شركتي الاتصالات بأن خسائرهما ذات طبيعة خاصة، إلا أنهما بأي شكل من الأشكال لا يمكن إضفاء صفة حداثة التشغيل لتبرير هذه الخسائر.
أزمة الدين الأمريكي.. واحتمالات التسوية
أزمة الدين الأمريكي ليست جديدة، ولكن الجديد فيها وصول حجم الدين إلى مستوى الحد الأقصى المسموح به حاليا حسب السياسة النقدية الأمريكية.. والاقتراب من هذا الحد يفرض أحد إجراءين : الأول زيادة الإيرادات، والتي أهم وجوهها الإيرادات الضريبية، والتي لا مجال سوى رفع معدلاتها على الأغنياء.. أما الإجراء الثاني، فمن خلال خفض الإنفاق على الخدمات، وهي مجالات الإنفاق التي يستفيد منها الفقراء ومحدودو الدخل.. ومن الواضح أن الخيارين كلاهما قاسٍ، فلا يمكن خفض الإنفاق في ظل بطالة متزايدة وأوضاع معيشية ليست بالجيدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، كما أن رفع المداخيل الضريبية يضع الحكومة الأمريكية في مواجهة مع شرائح الأغنياء والذين هم أهم لها للانتخابات.. وليست هذه الأزمة.. ولكن الأزمة هي التباين والاختلافات في الطريقة التي يراها الجمهوريون في التعامل مع الأزمة وبين ما يراها الديمقراطيون.. الطرف الأول لا يقبل ضرائب جديدة على الأغنياء ويستهدف خفض الإنفاق، في حين أن الطرف الثاني يسعى بقوة تجاه رفع سقف الدين.. وهنا الأزمة بين الاثنين حول رفع سقف الدين، فحتى الجمهوريين عندما يقبلون برفع سقف الدين، يجعلونه مؤقتا بستة أشهر فقط.. إنها أزمة لم يتبقَ على اشتعالها أو إخمادها سوى بضعة أيام وتحديدا حتى الثاني من أغسطس، وهو الموعد المحدد لعدم قدرة الحكومة على سداد المستحقات بعد هذا التاريخ.. كل ذلك قد أثر على تراجع غالبية البورصات العالمية، وارتفاع الذهب وتراجع الدولار.
إن حل الأزمة سيتجلى في رضوخ الجمهوريين والقبول برفع سقف الدين مقابل حصولهم على مزايا أخرى.. وينبغي أن نتذكر أن رفع سقف الدين الأمريكي لا يعتبر جديدا على السياسة الأمريكية، وهو أمر متكرر، كما ينبغي معرفة أنه في كل مرة تسعى السياسة المالية الأمريكية لتحميل الاقتصاد العالمي جزءا من ضريبة هذا الرفع بأي وسيلة مهما كانت غير مباشرة.. إلا أن هذا الرفع هذه المرة قد يؤدي إلى تخفيض علامة الولايات المتحدة إلى علامة «AAA» التي تمنحها وكالات التصنيف الائتماني للدين الأمريكي.. أما الحقيقة في احتمالات تأثير الدين الأمريكي على البورصات الخليجية، فهي أقرب للهبوط منها لعدم التأثر.
المؤشر السعودي في منطقة أدنى من القيمة العادلة
نتائج أعمال الشركات هذا الربع، وأيضا نتائجها للنصف الأول ككل تؤيد فرضية تحقيق السوق ككل لأوضاع مالية أعلى من الجيدة، وهذه الأوضاع ترفع من السعر العادل للسوق، وبما أن المؤشر لا يزال يتحرك في منطقة ما تحت 6700 نقطة، فإن المؤشر يعمل عند منطقة آمنة ضد الهزات الخارجية، فالاستجابة السلبية تكون عنيفة لأي أزمة عالمية جديدة (ولنقل الدين الأمريكي) عندما يكون المؤشر عند منطقة أعلى من السعر العادل.
(*) مستشار اقتصادي
Dr.hasana min@yahoo.com