لم يعد المواطن العربي في أي بلد عربي مغيَّباً عما يدور حوله من أحداث، وبدأ مع تنوع وتدفق المعلومات وسهولة الحصول على المعلومة الحقيقية قادراً على فرز الخبر الصحيح من الفبركة الإعلامية التي استطاعت لفترة طويلة توجيه الرأي العام.
الآن تعددت وتنوعت أساليب الحصول على إعلام حقيقي، ويمكن للمتابع بل حتى المتلقي العادي أن يفرز الحقائق من الإعلام الموجَّه، وهذا ما أدى إلى كشف الكثير من الأطراف العربية والدولية والإقليمية بعد أن اتضحت مواقفها، سواء من القضايا العربية المطروحة للنقاش أو تأثيرها في مسار المشاكل والأزمات العربية، ودورها في تعطيل حلها أو مساهمة البعض في تعقيدات الحل.
ولأن العالم الآن يُدار بآليات علمية إلى حدٍّ ما فإن معرفة وقياس رضا أو غضب بل حتى ابتعاد مجتمع ما أو معرفة موقف إقليم معين أو حتى قارة أصبحا ممكنَيْن، وبنتائج تكاد تكون متطابقة، مع وجود نسبة ضئيلة من الخطأ؛ فآلية قياس الرأي بطريقة الاستطلاع التي تأخذ بها معظم مجتمعات الدول المتقدمة تُعطي نتائج تكاد تكون دقيقة، وهي ترسم خطوطاً لمن يريد اتخاذ قرار ما أو يضع مخططاً للتعامل مع قضية أو موضوع محدَّد.
والعلاقات العربية الإيرانية أصبحت بعد زيادة تدخلات النظام الإيراني في الشؤون العربية الشغل الشاغل لمراكز البحث، سواء في العالم العربي أو في خارجه. وفي هذا السياق كشف استطلاع أجراه المعهد العربي الأمريكي في واشنطن تراجعاً كبيراً في موقع إيران لدى الرأي العام العربي، إذ أوضحت نتيجة الاستطلاع أن العرب ينظرون سلباً إلى إيران بسبب تدخلها السافر في الشؤون الداخلية، وبخاصة في لبنان والعراق والبحرين.
نتائج الاستطلاع السلبية تجاه إيران وصلت في بلدان عربية إلى نسب عالية بعد أن كانت هذه الدول تنظر إلى إيران نظرة إيجابية قبل خمس سنوات. هذه الفترة الزمنية قليلة في حساب المتغيرات؛ ما يؤكد أن حجم التدخلات والأفعال الإيرانية قد أثار وأغضب المجتمعات العربية التي باتت ترى في نظام طهران نظاماً لا يعمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة.
هذه النظرة ونتائج الاستطلاع تفرض على حكام طهران أن يراجعوا أفعالهم ويتأكدوا من أن قدرة الإعلام على نقل الحقائق وتأثر المجتمعات بما يحدث لم يتركا مجالاً للحملات الإعلامية «والبركوندا» للتأثير على الرأي العام للشعوب؛ فالعمل الإيجابي وحده الذي يصنع التعاطف، وكل عمل سلبي يجعل الشعوب تنفر من الأنظمة الشريرة التي تتدخل في الشؤون الداخلية للغير.