الطغيان في اللغة هو تجاوز الحد في كل شيء قولاً وعملاً، فمن تجاوز حدود الله عز وجل، وتعدى وتطاول واغتر فهو طاغية بهذا المعنى اللغوي العام، وهل كان وما زال (روبرت مردوخ) ونظائره من المتجاوزين حدودهم في الإفساد الإعلامي إلا طغاة، مسرفين في الطغيان.
من الذي أسقط هذا الإنسان النفعي الذي بنى مكانته المادية عالمياً على أشلاء أخلاق البشر، ودماء كرامتهم وقيمهم ومبادئهم؟
تفاصيل فضيحة التجسس على خصوصيات الشخصيات الاعتبارية والأسر ذات المكانة تؤكد أن الذين فضحوا (مردوخ) هم بنو جلدته، وأن إحدى صحفه التي تقتات - كل يوم - من أعراض الناس وأسرارهم هي التي كانت سبباً في هذه السقطة المهولة، وهذه التفاصيل تضعنا أمام ثلاث حقائق:
أولاً: أن مآل كل طاغية مهما طال به الحال إلى السقوط والانهيار في الدنيا والآخرة، وأن سنن الله في كونه وعباده لا تتغير لأنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسبٌ يحميه من العقاب الإلهي الذي توعد به الطغاة في كل زمان ومكان.
ثانياً: أن هنالك أشخاصاً ومؤسسات ودولاً قد طغت وتجاوزت حدودها، وتنكرت للعدل والإنصاف، والخلق الحسن وجاهرت بالمعاصي، وركبت مراكب الانحراف السلوكي، والإفساد العام بوسائله المختلفة، وأن أولئك الأشخاص وهذه المؤسسات والدول قد بنوا قلاع ثرائهم، ومكانتهم السياسية والاجتماعية والإعلامية على شفير الهاوية وهم في غفلتهم عن ذلك ساهون، وأن تساقطهم أمام الناس في هذا العصر يؤكد ما تعلمنا من ديننا الحنيف من أن الله سبحانه وتعالى (يمهل ولا يهمل) وأن مدة إمهاله للطاغية إنما هي امتحان له واستدراج فإن عرف الحق ورجع إليه، وإلا فإن سقوطه سيكون مدوياً.
ثالثاً: أن البشرية في هذا العصر قد ابتعدت عن ربها سبحانه وتعالى مسافات طويلة فما عادت تخافه وتخشاه، ولهذا عصته عصياناً معلناً واستهانت بتنفيذ أوامره التي فيها صلاح الكون كله، وأصبحت تتجاوز حدها في هذا العصيان، وتتهاون بالدفاع عن الله، ومعاقبة من ينال من قداسته سبحانه وتعالى، وصارت لا تغضب له حينما تنتهك محارمه، فهاهم أولاء البشر يغضبون لفضح إعلام (مردوخ) لأسرار بعض الشخصيات والأسر المعتبرة، ويحاكمونه على الإساءة إليهم والتشهير بهم، واقتحام أسوار (خصوصياتهم) يفعلون ذلك كله غضباً لبشر لديهم انحراف عن الفطرة سلوكاً وقولاً وعملاً، ولا يغضبون لله سبحانه وتعالى الذي تنتهك محارمه ليل نهار في الوسائل الإعلامية التي يملكها (مردوخ) جميعها.
حينما فضحت صحيفة هذا الرجل اليهودي المتعصب لكل ما هو ضد الإسلام والمسلمين، بعض الشخصيات المعتبرة قامت قائمة الإنكار والرفض لهذا العمل الذي يتنافى مع (الأمانة الإعلامية) وضوابط مهنة الإعلام، أما إساءته التي لا تتوقف لتعاليم الدين، وقيمه، وأخلاق الناس، وانحيازه المستمر مع الطغاة الذين قتلوا وهتكوا وظلموا مثل (بوش وربعه) و(توني بلير وجماعته) و(الكيان الصهيوني وعصابته)، فإنها في عرف القانون الدولي الساقط في وحل الظلم لا تستحق أن يعاقب عليها (مردوخ).
إن ما حدث لهذا الطاغية الإعلامي يؤكد ما أشرنا إليه من أن الله سبحانه وتعالى لكل طاغية بالمرصاد مهما طال به الزمن.
إنها سقطة أخلاقية ضخمة قبل أن تكون سقطة اقتصادية أو إعلامية، حتى استحق هذا الرجل أن يصفه المعجبون به وبقوة إدارته لوسائل الإفساد، بقولهم: (الرجل السيء العظيم) فهو سيء غاية السوء في رأي من هم معجبون بنشاطه وانتشار مؤسساته الإعلامية في العالم، وحسبنا بهذا عقاباً في الدنيا، وكم ينتظر هذا الطاغية وأمثاله من عقاب الله الشديد يوم القيامة إن ماتوا على ماهم عليه من الطغيان والضلال.
لن يعدم هذا الرجل من يدافع عنه، ولكن الخذلان سيظل مصاحباً له ما دام مصراً على إعلان الحرب على قيم وأخلاق ودين المجتمعات البشرية المنضبطة، الحريصة على الالتزام بما هي عليه من الخير.
إشارة:
طوفان أَحداثٍ يثور فينا
يُسْمِعُنا جَلْجَلَةَ النَّذيرِ