لقد تعوَّدت لأعوام عدة أن أُقبّل سوريا الجميلة، وأحضن بالقلب (حمص) مدينة التآلف الاجتماعي الأرقى ووردة الجمال المطلق في الوطن العربي، لكنني في هذه السنة يا للأسف لم أستطع أن أرى سوريا (قلعة) العروبة وهي تنزف بشكل مريع، ولا أن أرى (حمص الجمال) وهي تتوشح بالدم من أعلاها إلى أسفلها وأن أرى الدم (المرشوق) يغمر ورودها الجميلة وسواعد الشباب المرفوعة تحت العلم الوطني الخفَّاق بحثاً عن حرية أو عمل أو أمل قريب.
أقول: جئت إلى الأردن بدلاً عن سوريا لكي (أسوح) و(أسوع) و(أصيع) في شماله الرائع، ولكن كل ذلك لم يتحقق للأسف، فقد (كمشني) مهرجان جرش وأنشب مخالبه الذهبية بي ولم أستطع منه فكاكاً، إذ عليَّ أن أرى أبهى الأصدقاء الشعراء مثل: يوسف أبو لوز (الذئب الضجر) وصاحب ديوان (الهزلاج) أي (جرو الذئب) وكان عليَّ أن أرى (سيف الرحبي) الصديق القديم والرجل الآتي من الربع الخالي، حيث (عروق الشيبه) تقطع القلب، والروح معاً. كنت أريد أن أحضر أمسية الزميلة الرائعة ميسون أبو بكر وهي تتوهج في آخر قصائدها المبدعة لأنها بالفعل كانت نجمة المهرجان، وكان عليَّ أن أرى وزير الثقافة الأردني المثقف المبدع (جريس سماوي) لكي أشكره من القلب على استمرار المهرجان، وكان عليَّ أن أقول لـ(عمان): شكراً على كل هذا الاحتفاء والبهاء.