هنيئاً لمن استقبل شهر رمضان المبارك الذي يبدأ أول أيامه اليوم بقلب مفعم بالإيمان والخير، والساعي لمساعدة أخيه الإنسان.
شهر رمضان الكريم تدريبٌ ودرسٌ للإنسانية جمعاء يُقَدِّمه الإسلام، وحريٌ بالبشرية جمعاء أن تتمعَّن في هذا الدرس والتدريب الإنساني، خاصة وأن الجوع والحرمان والعوز يضرب في أكثر من مكان في الكرة الأرضية، ويعاني أكثر من منطقة وشعب من جوع مميت وحرمان من أبسط متطلبات الحياة.
والدرس الإسلامي الذي يجسِّده صوم شهر رمضان المبارك ليس فقط في تدريب الإنسان على تَحمُّل فترات الجوع والعطش التي تصل في أحيان كثيرة إلى أكثر من نصف اليوم، بل إلى إشعار الإنسان وإثارة إحساسه بهذه الحاجة الماسة للإنسان، وكيف يشعر المرء الذي يُحرم من تناول الأكل والشرب والذي يحصل لكثير من البشر في أماكن أخرى.
المسلم يصوم عن الأكل والشرب ابتغاءً لمرضاة الله، وتطوعاً وأداءً لشعيرة إسلامية ودينية، يؤديها بقناعة إيمانية، وهو تدريب سنوي يؤديه كل عام، ولهذا فإنَّه سيشعر بما يشعر به المحروم من هذه النعم، نعم الأكل والشرب والاطمئنان الذي يجعل الإنسان يؤدي هذه الشعيرة بقناعة إيمانية. وهنا أهمية هذا التدريب السنوي الذي يؤديه كل المسلمين والذي يجعلهم أقرب معتنقي الأديان السماوية إلى الناس المحرومين.. الجياع الذين يعانون الفاقة والجفاف... والمسلمون أكثر الأقوام فهماً وتفهماً لما يعانيه هؤلاء المحرومون، لأنهم مرُّوا بهذه التجربة وإن كان تطوعاً منهم.. تطوع مشوب بالإيمان، ولهذا فإن الصيام عند المسلمين ليس حرماناً من الأكل والشرب فحسب، بل حالة إيمانية وروحية تُقرِّب الإنسان من خالقه وتجعله أكثر شعوراً بحاجات الإنسان التي قد يُحرم منها البعض.