تحتل مدينتا العلا والحجر مدائن صالح موقعاً جغرافياً فريداً، وقد أهلها هذا الموقع لأن تقوما بدور فعال في التقاء المراكز الحضارية. ومدينة العلا تعتبر قاعدة لعدد من القرى وهي من أشهر بلدان وقرى الوادي المعروف باسم وادي القرى، ولقد حرصت على زيارة هذه المنطقة التي سطر لها التاريخ ذكراً وعاشت في رحابها أمم ودول وزارها سيد الخلق عليه الصلاة والسلام حاملاً راية الإسلام، وقد غادرت المدينة المنورة متوجهاً إلى العلا مع مجموعة من الأصدقاء وهي تبعد عن المدينة المنورة حوالي 380 كيلاً، وكنا نردد ما قاله الشاعر عن وادي القرى وهذه المنطقة ونستعرض من سكانها من الأمم ومن ذلك قول الشاعر:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بوادي القرى إني أذن لسعيد
وقد ورد ذكره في السيرة النبوية وفي فترة صدر الإسلام وعند المؤرخين المسلمين واشتهر بمزارعه الكثيرة ولقد زارها العديد من الرحالة والمؤرخين وتعد كتاباتهم مصدراً من المصادر التاريخية المهمة، وتشمل سجلاً شاملاً ومادة علمية تساعد الباحثين في التعرف على جوانب كثيرة من تاريخ هذه المنطقة (العلا).
ومدائن صالح عاصمة الأنباط بعد البتراء ويوجد في آثار هذه المنطقة وكتاباتها اللحيانية والمعينية التي تفرعت من الخط المسند ويرى المؤرخون أن الحجر هي موضع الخريبة اليوم، وقد عثر على الكتابات الثمودية في النقوش الموجودة، وخلال التجول في هذه المنطقة التاريخية شاهدنا الآثار والنقوش ومحلب الناقة المنحوت من الصخر والبيوت والمقابر وكتبت كتاباتها بالخط اللحياني عند مدخل كل بيت كما زرنا المابيات جنوب العلا وبها قلاع وآثار وأطلال وكانت محطة للأمويين ثم للعباسيين وتذكرت قول الشاعر:
رأيت قرى وادي القرى في مسيرنا
وبنيانها طوب ومن تحته حجر
ولقد رأينا عدداً من السائحين ممن حضروا لزيارة هذه المنطقة وأغلبهم من خارج البلاد حيث كان الجميع في زيارة الحجر التي تمتلئ بالآثار مثل المقابر والكهوف والقصور وشاهدنا بعض الكتابات الأثرية والآثار الثمودية وكم تذكرت قول الله تعالى وأنا أتنقل بين هذه الآثار. {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}.. الشعراء: 146-148).
ثم قمنا بزيارة لبعض معالم العلا وعيونها وآثارها وقلاعها وكنت أقول: في روابيك كم تغنت نفوس وعاشت أمم وبقيت ترمز إلى تاريخ وموروثات أثرية وحضارية وكم وصفها الرحالة والمؤرخون كمنطقة أثرية تشغل حيزاً كبيراً من تراث بلادنا.وبعد جولة وتمضية يوم كامل في أرجاء العلا عدنا إلى المدينة المنورة وخلال الطريق كان الحديث عن هذه المنطقة التاريخية وآثارها وذكريات التاريخ والشعر والماضي السحيق وتذكرنا ما مرت به من دهور وقرون وأيام وحضارات وبعد فإن ذكريات التاريخ تترى أمام المرء وهو يتجول في مثل هذه المناطق والأماكن ولشد ما برحت الذكريات قلب المرء حينما يستعرض التاريخ والتعرف على جوانب كثيرة من الآثار والتاريخ ومن حديث إلى حديث عدنا إلى المدينة المنورة مردداً قول الشاعر:
ارحل وشاهد به ما قد سمعت به
شتان عندي بين الخبر والخبر
عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون