أتابع ما يكتب في الجزيرة عن التعليم وهمومه وشجونه كما قرأت عن تعيين معلمين جدد في مناطق المملكة وتعقيباً على ذلك أقول: إن هذا يتعلق بمستقبل بلادنا وطموحاتنا المستقبلية فبالتعليم تنهض الأمم وترتقي والشواهد كثيرة من حولنا فبعض الدول التي تم تدميرها في الحربين العالميتين عادت واهتمت بالتعليم ومن ثم نهضت وأصبحت من الدول الصناعية التي يشار إليها، ومن هذا المنطلق ينبغي أن نهتم بمن يرعى عقول أبنائنا ويحتويهم لأكثر من ست ساعات يومياً وهو المربي والمعلم الذي تنبني عليه إستراتيجية وزارة التربية والتعليم في إيصال المعلومة للنشء وقبل ذلك تربية النفس على الفطرة السليمة التي نشأنا عليها فوق تراب هذه الأرض الطاهرة.
إن تغير الجيل الحاضر عن الأجيال السابقة له أسبابه ومبرراته لذلك لا ينبغي تجاهل هذه النقطة المهمة، وخصوصاً إذا أردنا أن نسير سيراً صحيحاً في تعليمنا لهذه الأجيال التي تربت على الترف ووسائل التقنية الحديثة بكل أشكالها فالمدارس والوسائل التعليمية كل هذه الأشياء مطلوبة في العملية التربوية والتعليمية ولكنها لا تشكل العنصر المهم وإنما هي تكميلية -إن صح التعبير- فالمهم في هذا الموضوع هو المعلم وهو حجر الزاوية الذي يقوم عليه البنيان فإذا كان اختيار المعلم سليماً وموفقاً خرجنا بإذن الله بنتاج طيب وجيل صالح يؤمل فيه خير كثير لبلده وأمته ففي الزمن الماضي لم تكن الوسيلة متوفرة كتوفرها اليوم ومع ذلك كان التعليم على مستوى حسن لأن من أوكل لهم تربية هذا النشء على قدر المسؤولية وتحمل الأمانة إن المعلم في الماضي كان صادقاً مع نفسه ومع مجتمعه ومخلصاً في أداء واجبه ومتمكناً من مادته.
إنني عندما أورد هذا الكلام ليس تقليلاً من شأن معلم اليوم ولكن حثا لهم على بذل الجهد والعمل من أجل الوصول إلى الأفضل، هناك معلمين متميزين ومخلصين ولكن قد يوجه من يتهاون بأداء عمله إما جهلاً بالأسس التربوية وعدم إلمامه بها، أو عمداً وهذا قليل والحمد لله.
وبناء على ما سبق فإنني أود أن أتقدم ببعض الاقتراحات التي أرى أن من شأنها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهي كما يلي:
1 - وضع شروط وضوابط دقيقة لقبول من أراد الانتساب لهذا الميدان وذلك بالتنسيق بين جهات عدة على رأسها وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وغيرها من الجهات ذات العلاقة بحيث تبدأ من دخوله الجامعة.
2 - عدم قبول المتقدم من الخريجين إلا من اتصف بالآتي:
أ - الحماس والرغبة في العمل في هذا الميدان.
ب - بالإلمام بالأسس التربوية التي ينبغي على الخريج اجتيازها.
ج - حسن المظهر والالتزام بالأخلاق الحميدة وقوة الشخصية والتمكن من المادة العلمية التي سيدرسها.
د - التأكد من عدم ممارسته لبعض السلوكيات الخاطئة مثل التدخين لأن هذه المادة مع الأسف الشديد قد انتشرت بين أبنائنا الطلاب بشكل ملفت للنظر ولا شك أن القدوة لها دور كبير في هذا.
3 - وقت الضرورة ولّى بلا رجعة فينبغي الاختيار من بين المتقدمين للعمل في هذا الميدان بدقة ووضع الضوابط واختيار اللجان المتخصصة التي تقوم بالاختيار السليم (لا اللجان الشكلية).
4 - لم يعد التعليم بحاجة إلى سد احتياجاته بأي خريج وفي أي تخصص وخصوصاً في المرحلة الابتدائية ففي السابق كل من تخرج من الجامعات والكليات وبحث عن وظيفة ولم يجدها استقر به الأمر في مهنة التدريس لا رغبة في هذه الوظيفة بل لوجود حوافز مادية تغري بالانخراط فيها وهذا من أسباب ضعف مخرجات التعليم.
عبدالله بن نوفل الربيعة