كشفت الثوارات العربية حتى تلك التي ماتزال لم تحقق أهدافها بعد، عدم رضى تلك الشعوب عن قياداتها التي حكمتها بالحديد والنار والانتخابات المزورة وتفصيل الدساتير بحسب مقاس سيادة الرئيس! وبدا واضحاً وجلياً أن الشعوب التي انتفضت
لم تكن راضية عن الأخ القائد ولا الزعيم المزعوم ولا عن واقعها المرير وأن صور الإعلام الرسمي غير ذلك حينا من الدهر! وانكشفت الكذبة الكبرى وهي فوز الزعيم الأوحد بالانتخابات الرئاسية التي لايحق لغيره أن يترشح لها وبنسبة (99.9)! وكان هذا الرقم يشهد على مصادرة حق الشعوب في الإدلاء بآراءها الحقيقية بل ويشهد على التدليس والكذب باسم الشعوب التي يتم التصويت نيابة عنها! هذا الرقم كان مفضلا لدى عدد من الزعماء العرب، تناقلوا ملكيته فيما بينهم أثناء مهرجانات الانتخابات التي تنظمها أحزابهم وأجهزتهم الأمنية! الان وبعد أن انتشر الثورات في عدد من الدول العربية التي كانت تحكم بالحديد والنار وقوة العسكر الباطشة لن يظهر هذا الرقم من جديد! في كل انتخابات عربية كان هذا الرقم يمثل نسبة حصول الزعيم الرئيس القائد المظفر على الأصوات التي تؤيده! طبعا الرقم لم يصل إلى 100% لزوم الشفافية والمصداقية!
بعد هذا الربيع العربي ستكون صناديق الانتخابات لأول مرة تعكس الواقع بعد أن بدأت الشعوب العربية تعبر عن نفسها وتقول كلمتها في ميادين تحررها في العواصم والمدن العربية حاملة ليس صورة الرئيس أو الزعيم بل تحمل الأمل في التغيير للحصول على حقها في الكرامة والتغيير والتعبير! الشعوب العربية تخوض معركة الاستقلال الثانيه بعد استقلالها عن المستعمر وهاهي تخوض معركتها مرة أخرى بعدعقود للاستقلال من استبداد الزعيم الأوحد وحزبه! والمؤلم أن تكون المعركة تدور في الشوارع بين صدور عارية ودبابات جيش الزعيم الذي يرفض الرحيل كما رحل آخرون، يرفض فكرة أن يكون هناك سابقون ولاحقون مع أن هذه الحقيقة الثابتة التي لايريد الزعيم والقائد المظفر الاعتراف بها.
يفتك الزعيم بشعبه بعد أن اقتات وحزبه على مقدرات الشعب، منذ أن (رحل) الاستعمار لم يفعل شيئاً سوى أنه نصب نفسه بديلاً للاستعمار في القمع والتنكيل وتكميم الأفواه والتجويع! لكن الزعيم من نوعية أبو (99.9) يصعب عليه أن يترك ديكتاتوريته التي لايتقن غيرها ويفرط بالمكتسبات التي تحققت له ولحزبه! ولذلك دفعت الشعوب العربية وماتزال تدفع فاتورة استقلالها الثاني في ربيع عربي حل علينا فجأة في سنة 2011م!
alhoshanei@hotmail.com